قاموس الرجال - الشيخ محمد تقي التستري - ج ١٠ - الصفحة ١١٩
تساميه وأنت أنت، وهو هو المبرز السابق في كل خير، أول الناس إسلاما، وأصدق الناس نية، وأطيب الناس ذرية، وأفضل الناس زوجة، وخير الناس ابن عم؛ وأنت اللعين ابن اللعين، ثم لم تزل أنت وأبوك تبغيان الغوائل لدين الله، وتجهدان على إطفاء نور الله، وتجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال، وتحالفان فيه القبائل، على ذلك مات أبوك وعلى ذلك خلفته. والشاهد عليك بذلك من يأوي ويلجأ إليك من بقية الأحزاب ورؤوس النفاق والشقاق للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم). والشاهد لعلي (عليه السلام) مع فضله المبين وسبقه القديم أنصاره الذين ذكروا بفضلهم في القرآن فأثنى الله عليهم، من المهاجرين والأنصار، فهم معه عصائب وكتائب حوله، يجالدون بأسيافهم، ويهريقون دماءهم دونه، يرون الفضل في اتباعه والشقاء في خلافه. فكيف يالك الويل! تعدل نفسك بعلي (عليه السلام) وهو وارث الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ووصيه، وأبو ولده، وأول الناس له اتباعا وآخرهم به عهدا، يخبره بسره ويشركه في أمره. وأنت عدوه وابن عدوه، فتمتع ما استطعت بباطلك، وليمدد لك ابن العاص في غوايتك، فكأن أجلك قد انقضى وكيدك قد وهى، وسوف يستبين لمن تكون العاقبة العليا؛ واعلم أنك تكايد ربك الذي قد أمنت كيده وأيست من روحه، وهو لك بالمرصاد وأنت منه في غرور، وبالله وأهل رسوله عنك الغنى.
فكتب إليه معاوية:
من معاوية إلى الزاري على أبيه محمد بن أبي بكر، ذكرت حق ابن أبي طالب وقديم سوابقه وقرابته من النبي ونصرته له ومواساته إياه في كل خوف وهول، واحتجاجك علي وعتبك لي بفضل غيرك لا بفضلك، فاحمد إلها صرف الفضل عنك وجعله لغيرك، وقد كنا وأبوك معنا في حياة من نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) نرى حق ابن أبي طالب لازما لنا وفضله مبرزا علينا، فلما اختار الله لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ما عنده وأتم له ما وعده وأظهر دعوته وأفلج حجته قبضه الله إليه، فكان أبوك وفاروقه أول من ابتزه وخالفه، على ذلك اتفقا واتسقا، ثم دعواه إلى أنفسهم فأبطأ عنهما وتلكأ
(١١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 ... » »»