موكب، فقال له عمر: تروح في موكب وتغدو في مثله، وبلغني أنك تصبح في منزلك وذوو الحاجات ببابك! قال: إن العدو بها قريب منا ولهم عيون وجواسيس، فأردت أن يروا للإسلام عزا، فقال له عمر: إن هذا لكيد رجل لبيب أو خدعة رجل أريب، فقال معاوية: مرني بما شئت أصر إليه، قال: ويحك! ما ناظرتك في أمر أعيب عليك فيه إلا تركتني ما أدري آمرك أم أنهاك.
وفيه: قال عمر: تذكرون كسرى وقيصر ودهاءهما وعندكم معاوية (1).
ومن الغريب! أن الخطيب الناصبي قال: كان معاوية يقول: " لقيت النبي فوضعت عنده إسلامي ". وروى عن المعافى بن عمران أن رجلا قال له: أين عمر ابن عبد العزيز من معاوية؟ فغضب من ذلك غضبا شديدا وقال: لا يقاس بأصحاب النبي أحد، معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله، وقد قال النبي:
" دعوا لي أصحابي وأصهاري، فمن سبهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ". وروى عن عبد الرحمن بن أبي عميرة المزني قال: قال النبي في معاوية " اللهم اجعله هاديا واهده واهد به ". وروى عن الربيع بن نافع قال: معاوية بن أبي سفيان ستر أصحاب النبي، فإذا كشف الرجل الستر اجترئ على ما وراءه (2).
وأقول: صدق الرجل وأن معاوية ستر الصحابة التي قال، ستر صديقهم وفاروقهم.
ففي مروج المسعودي وصفين نصر بن مزاحم وغيرهما: كتب محمد بن أبي بكر إلى معاوية - بعد ذكر بعث الله نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) -: فكان أول من أجاب وأناب وصدق ووافق وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فصدقه بالغيب المكتوم وآثره على كل حميم، فوقاه كل هول، وواساه بنفسه في كل خوف، فحارب حربه وسالم سلمه، فلم يبرح مبتذلا لنفسه في ساعات الأزل ومقامات الروع، حتى برز سابقا لا نظير له في جهاده ولا مقارب له في فعله؛ وقد رأيتك