بالقياس، وهذا النحو من الكلام غير مرضي عند الإمام عليه السلام، إلا إذا كانت الضرورة مقتضية له، وقد كانت الضرورة دعت مؤمن الطاق على ذلك، كما صرح به في رواية أبي مالك الأحمسي المتقدمة، وكان ذلك موجبا لسرور الإمام عليه السلام، ولعل هذا هو المراد بقول مؤمن الطاق في ذيل الرواية الأولى، صدق بأبي وأمي، ما يمنعني من الرجوع عنه إلا الحمية، يريد بذلك أنه في نفسه لا يريد أن يتكلم بالجدل، إلا أن الحماية عن الدين والعصبية له، دعته إلى ذلك.
وأما الرواية الثانية فهي غير قابلة للتصديق، فإن الصادق عليه السلام كان يسره مناظرات مؤمن الطاق، ويأمره الإمام عليه السلام بذلك كما يظهر من الروايات المتقدمة، وسيأتي في ترجمة هشام بن الحكم أمر الصادق عليه السلام مؤمن الطاق بأن يناظر الشامي، وقد روى محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عمن ذكره، عن يونس بن يعقوب، قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فورد عليه رجل من أهل الشام، (إلى أن قال): ثم قال (أبو عبد الله عليه السلام): يا طاقي كلمه، فكلمه فظهر عليه الأحول، (إلى أن قال):
ثم التفت (أبو عبد الله عليه السلام) إلى الأحول، فقال: قياس رواغ، يكسر باطلا بباطل، إلا أن باطلك أظهر، الحديث. الكافي: الجزء 1، كتاب الحجة 4، باب الاضطرار إلى الحجة 1، الحديث 4.
هذا، ولمؤمن الطاق مناظرات لطيفة، منها: أن أبا حنيفة سأله، فقال: يا أبا جعفر ما تقول في المتعة، أتزعم أنها حلال؟ قال: نعم، قال: فما يمنعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ويكتسبن عليك، فقال له أبو جعفر: ليس كل الصناعات يرغب فيها، وإن كانت حلالا، للناس أقدار ومراتب يرفعون أقدارهم، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أتزعم أنه حلال؟ فقال: نعم، قال: فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نباذات فيكتسبن عليك، فقال أبو حنيفة: واحدة بواحدة،