أبو هريرة - السيد شرف الدين - الصفحة ١٥٩
اما أصحاب المعاجم والتراجم فقد يذكرونها معتمدين فيما ينقلونه من أحوالها على أبي هريرة لاغير كما لا يخفى.
ثالثها: أن أبا هريرة كان من أشد مساكين الصفة فاقة وفقرا يلتمس في الطريق صدقة تمسك رمقه كما مر عليك في أحواله على عهد النبوة وقد سمعت ثمة قوله رأيتني واني لاخر فيما بين منبر رسول الله إلى حجرة عائشة مغشيا على فيجئ الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى اني مجنون وما بي من جنون ما بي الا الجوع. وسمعت اعترافه بأنه وسائر أهل الصفة كانوا ضيوف الاسلام لا يأوون إلى أحد ولا على أحد إذ لم تكن لهم منازل يأوون إليها فكانوا ينامون في المسجد مثواهم ليلا ونهارا وأبو هريرة كان أشهر من سكن الصفة واستوطنها طول عمر النبي ولم ينقل عنها حتى مضى صلى الله عليه وآله لسبيله كما سمعت مفصلا بل كان عريف من سكن الصفة من القاطنين ومن نزلها من الطارقين، فمن أين له البيت الذي ذكره في حديثه هذا يا أولي الألباب؟.
رابعها: لو صح ما قاله أبو هريرة في هذا الحديث لكان من أعلام النبوة وآيات الاسلام وأدلة أهل الحق حيث استجاب الله دعاء النبي صلى الله عليه وآله على سبيل الفور فهدى الله به أم أبي هريرة وقلب حقيقتها فإنها بينا كانت تمعن في الكفر وتسترسل في الضلال إذا هي من المؤمنات القانتات المؤدبات بالآداب الشرعية (1) واعلام النبوة كلها متواترة يحدث بها كبار الصحابة وصغارهم فما بالهم يعرضون عن هذه الآية فلم يروها منهم سوى أبي هريرة لو كانت صحيحة.
خامسها: لو صح ما زعمه أبو هريرة من دعاء النبي له ولأمه بأن يحببهما إلى المؤمنين ويحبب المؤمنين إليهما لأحبه أهل بيت النبوة وموضع الرسالة فإنهم سادة مؤمنين وقادة أهل الملة والدين فما بال أئمتهم الاثني عشر وسائر علمائهم

(1) يدلك على آدابها ما سمعته من غسلها ولبسها درعها قبل فتح الباب وعجلتها عن خمارها.
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»