تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ٥٥
وسهولة الخلق، وخصه بالتوفر على بيان قوي البرهان محبوك الدليل صحيح المنطق، وانك لتجد في لغته رنة جذابة التوقيع يأخذك منها روح فني ضليع يعرف كيف يتصرف بالقلوب ويخضع الألباب عند كلمته القدسية النشوانة الريانة بماء الروحية والحيوية.
وكان رضوان الله عليه لا يقنع بظواهر الأشياء وقشورها، وانما كان وثابا إلى اللباب والخلاصة، ثم هو إذا وصل إليهما تخير منهما ما كان أشد ملاءمة لعقله المترف الممتاز وذوقه الصحيح المتأنق وطبعه الرفيع الفذ.
هكذا كان وهكذا أنشأه ربه وطبيعي له، وهو المتوفر كل التوفر على هذه المواهب منذ نعومة أظافره أن ينشأ منشأ لا تيسره الأيام لاحد الا بعد فحص وتمحيص يحتاجان إلى قرون كثيرة وقرون.
وطبيعي أن يصل إلى ما وصل إليه من العظمة والخلود، إذ كان تلك المجموعة الصالحة من كل كمال، والمزاج الخالص من ألوان الالتواء والتعقيد يدرج ويتدرج في بيت كبيت الإمام الهادي والد الفقيد العظيم، وهو كمعهد علمي منظم الصفوف أو كلية راقية تفرض على طلابها الانسجام في نسج من الفضيلة والأخلاق والاخلاص والايمان واليقين على نحو منقطع النظير.
ويقرر علماء النفوس وأعلام التربية أن البيت هو الحجر الأساسي لحياة الناشئين، فلابد من الحكمة واستعمال الفن في وضع الحجر الأول ليقوم البناء مستقيما معتدلا فيه قوة وجمال وفيه ضخامة ورواء، وكل ذلك يخطو الناشئ خطوة خطوة باستعداده واكتسابه مصطحبين إلى المثل الاعلى. وينتقل من دور إلى دور حتى إذا هو الموسر المثري المنور لا يشكو فقرا ولا يعاني ظلاما.
ومن أحكم من الشريف الهادي في وضع الحجر الأساسي؟ ومن أليق استعدادا من الفقيد لاستقبال تلك التعاليم والخطط المصطنعة لحياة دائمة حية؟
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست