بينهما سجالا، ولكنها أضرمت في نفوس الشيعة شعلة النجدة وباتوا حذرين متأهبين لدفع كل ملة، حتى بلغ من شدة حذرهم في زمن شيخ عباس العلي حاكم صور في أواسط القرن الثاني عشر أن رجلا منهم كان قائما على مزرعة له يحرسها من الوحوش ليلا، فأطلق عيارا ناريا، فظن أهل القرى المجاورة انه طلق مستغيث أو مخبر بدخول العدو، فأجابوه باطلاق الرصاص طلبا للنجدة، وتبعهم في ذلك أهل القرى المتصلة حتى امتد الصوت - على ما قيل - من جباع في سفح لبنان إلى البصة على حدود عكا، وما انجلى عمود الصبح حتى كانت الألوف ترد وتحتشد والفرسان مهيأ للطعان.
قال: غير أن هذا لم يطل أمره، بل حل محله خلف ثابت رسخت أصوله بين ناصيف وظاهر جرى في عكا يوم الجمعة ثامن رجب سنة 1181، فكانت عكا بعد ذلك لظاهر من هذه الخالفة عون في امتداد سلطنته إلى وراء صيدا ولنا صيف منه عون في وقائعه مع اللبنانيين.
وقبل زمن ظاهر العمر واتفاقه مع الشيعة وهو الظهير في أمورهم، فقد كان لهم من أمراء الحرافشة البعلبكيين نعم العون، ولولا بعد ما بين البلادين لكانت المعونة أظهر وأقوى.
وقد كان الحاج ناصر الدين النكري مهلا لغضب الأمير فخر الدين الكبير، لأنه كان منصرفا بكليته إلى الأمير يونس الحرفوشي، وكان هذا الأمير بعدها شفيعا للبشاريين عند الأمير فخر الدين لما أثقل أهالي بشارة بطلب متأخرات الأموال الأميرية بعد رجوعه من أوربا.
قلنا: ان ظاهر العمر كان عونا لأهل البلاد في حروبهم مع اللبنانيين، وان أهم تلك الحروب والواقعة المعروفة بواقعة كفرمان أو واقعة النبطية التي شبت نارها في سنة 1185، حيث ساق الأمير يوسف عشرين ألفا، وعلى رواية الشيخ