الكبرى على العلم وأهله.
وما ظنك ببلاد حرص أهلها على طلب العلم حرصا شديدا ولم ينقطع عنها مدده وجال علماؤها البلاد النائية في طلبه واقتناء كتبه حتى جمعت لديهم تلك الذخائر في قرون وأجيال كانت بعد ذلك طعما للنار في مصادرات الجزار، قد أخذ منها نزر قليل اقتناه بعض فضلاء تلك الجهات وكان لبعض أفاضل طرشيخا والزيب منها سهم حسن.
وألقي على أهل جبل عامل الخذلان بعد قتل زعيمهم ناصيف النصار، ووقعوا في هاوية عسف الجزار ومصادراته، ففترت الهمة في سبيل العلم وغلقت مدارسه، ووقع أبناء بلاد بشارة من ذلك في بحران عظيم لم تنجل عنهم غمته حتى أجاب الجزار داعي ربه، فاستفاق الناس من ذلهم ورجعت حركة العلم إلى عهدها وفتحت مدرسة الكوثرية بإدارة العالم المحقق الشيخ حسن قبيسي، فكانت مصدر فائدة ومعرفة على البلاد، تخرج فيها حمد بن محمد بن محمود ابن نصار أخي ناصيف النصار المعروف باسم حمد بك الذي تولى بعد ذلك الزعامة في بلاد بشارة عموما ولقب بشيخ مشايخها، وكان شاعرا عالما فآوي إليه الشعراء والعلماء وأصبح ناديه منتدى الأدباء، يساعده على ذلك اخلاد البلاد إلى السكون وسكون الفتن والمنازعات، فتفرغ كل امرئ لما يعنيه.
والتف حوله عديد من أهل العلم والأدب، مثل العالم اللغوي الشيخ علي ابن محمد السبيتي صاحب كتاب " اليواقيت " في البيان و " العقد المنضد في شرح قصيدة علي بك الأسعد " وغيرهما من الكتب.
وكالشاعر البليغ الشيخ علي بن ناصر زيدان والشاعر الظريف الشيخ حبيب الكاظمي والشيخ إبراهيم صادق العالم المحقق حفيد الشيخ إبراهيم يحيى المتقدم ذكره.