تكملة أمل الآمل - السيد حسن الصدر - الصفحة ٣٤٥
لا يؤمل لها لحاق، وبدرها الذي لا يعتريه محاق، الرحلة الذي ضربت إليه أكباد الإبل، والقبلة التي فطر كل قلب على حبها وجبل، فهو علامة البشر، ومجدد دين الأمة على رأس القرن الحادي عشر، إليه انتهت رئاسة المذهب والملة، وبه قامت قواطع البراهين والأدلة، جمع فنون العلم وانعقد عليه الاجماع، وتفرد بصنوف الفضل فبهر النواظر والاسماع، فما من فن الا وفيه القدح المعلى والمورد العذب المحلى، ان قال لم يدع قولا لقائل، أو طال لم يأت غيره بطائل، وما مثله ومن تقدمه من الأفاضل والأعيان، الا كالملة المحمدية المتأخرة عن الملل والأديان، جاءت آخرا ففاقت مفاخرا، وكل وصف قلت في غيره فإنه تجربة الخاطر.
مولده ببعلبك عند غروب الشمس يوم الأربعاء لثلاث بقين من ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة، انتقل به والده وهو صغير إلى الديار العجمية، فنشأ في حجره بتلك الأقطار المحمدية، وأخذ عن والده وغيره من الجهابذ، حتى أذعن له كل مناضل ومنابذ، فلما اشتد كاهله وصفت له من العلم مناهله، ولي بها شيخ الاسلام، وفوضت إليه أمر الشريعة على صاحبها الصلاة والسلام.
ثم رغب في الفقر والسياحة، واستهب من مهاب التوفيق رياحه، فترك تلك المناصب ومال لما هو لحاله مناسب، فقصد زيارة بيت الله الحرام وزيارة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته الكرام، عليهم أفضل التحية والسلام.
ثم أخذ في السياحة فساح ثلاثين سنة، وأوتي في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، واجتمع في أثناء ذاك بكثير من أرباب الفضل والحال، ونال من فيض صحبتهم ما تعذر على غيره واستحال.
ثم عاد وقطن أرض العجم، وهناك همى غيث فضله وانسجم، فألف وصنف
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست