(ومن الامارات الفعلية) الدالة على المدح اعتماد القميين عليه وروايتهم عنه لما عرفوا به من شدة الانكار ولذا طعنوا في أحمد بن محمد البرقي حتى أن أحمد بن محمد بن عيسى ابعده عن قم مع أن ذلك ليس لضعف في نفسه بل لكونه يروى عن الضعفاء ويعتمد المراسيل ولذا اعاده إليها بعد ما ابعده واعتذر إليه ولما توفى مشى في جنازته حافيا حاصرا ليبرئ نفسه مما قذفه به ومثله رواية ابن الغضائري عنه معتمدا عليه ولما عرف من حاله من تسرعه بالقدح فإذا اعتمد على رواية أحد دل على سلامته مما يراه قادحا فيفيد ذلك مدحا عاليا بل اعتمادا وتوثيقا ولكن لا يخفى ان ما نزهه عنه قد لا يكون عيبا في الواقع بل خلافه وضده هو العيب كمقالة الصدوق - عليه الرحمة - من أن نفى السهو والنسيان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم - والأئمة - عليهم السلام - من أول مراتب الغلو، فان اعتقاد ذلك بل احتماله في حقهم - عليهم السلام - فضلا عن القول به - هو العيب وحينئذ فاعتماده كقدحه غير نافع، لتسرعه وعدم تثبته في موجبات المدح والقدح كغيره من المتسرعين في سائر الموارد وهذا عيب عام في جميع أهل الصنايع ولا خصوصية لهذا الفن كما هو واضح ولذا وقع من الشيخ الطوسي - رحمه الله - ما وقع مع أنه شيخ الطائفة وفقيهها وعمادها ومرجعها حتى أن تلامذته على ما حكى التقى المجلسي وغيره ما يزيد على ثلثمائة من مجتهدي الخاصة والعامة مما لا يحصى وقد كان الخليفة جعل إليه كرسي الكلام يكلم عليه الخاص والعام حتى في الإمامة لخفة التقية يومئذ وذلك انما يكون لوحيد العصر فهو مستوعب لأوقاته ومستغرق لها ما بين تدريس وكتابة وتأليف وكلام وافتاء وقضاء وزيارة وعبادة وغير ذلك وكان همه جمع الآثار والأقوال والإحاطة بجميع المذاهب
(١٠٢)