اختيار معرفة الرجال - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٤٨٤
قال ثوير: فغمني ذلك حتى إذا دخلنا المدينة فافترقنا، فنزلت أنا على أبي جعفر عليه السلام، فقلت له: جعلت فداك ابن ذر، وابن قيس الماصر، والصلت صحبوني، وكنت أسمعهم يقولون: قد حزرنا أربعة آلاف مسألة نسأل أبا جعفر عليه السلام عنها فغمني ذلك.
فقال أبو جعفر عليه السلام: ما يغمك من ذلك فإذا جاؤوا فاذن لهم، فلما كان من غد دخل مولى لأبي جعفر عليه السلام فقال: جعلت فداك بالباب ابن ذر ومعه قوم، فقال أبو جعفر عليه السلام: يا ثوير قم فأذن لهم، فقمت فأدخلتهم، فلما دخلوا سلموا وقعدوا ولم يتكلموا، فلما طال ذلك أقبل أبو جعفر عليه السلام يستفتيهم الأحاديث واقبلوا لا يتكلمون.
فلما رأى ذلك أبو جعفر عليه السلام قال لجارية له يقال لها سرحة: هاتي الخوان، فلما جاءت به فوضعته، فقال أبو جعفر عليه السلام: الحمد لله الذي جعل لكل شئ حدا ينتهي إليه حتى أن لهذا الخوان حدا ينتهي إليه، فقال ابن ذر: وما حده؟ قال: إذا وضع ذكر الله وإذا رفع حمدا لله.
قال: ثم اكلوا، ثم قال أبو جعفر عليه السلام: اسقيني فجائته بكوز من أدم فلما صار في يده، قال: الحمدلله الذي جعل لكل شئ حدا ينتهي إليه حتى أن لهذا الكوز حدا ينتهي إليه، فقال ابن ذر: وما حده؟ قال يذكر اسم الله عليه إذا شرب ويحمد لله إذا فرغ، ولا يشرب من عند عروته ولامن كسران كان فيه.
قال: فلما فرغوا أقبل عليهم يستفتيهم الأحاديث فلا يتكلمون، فلما رأى ذلك أبو جعفر عليه السلام قال: يا ابن ذر ألا تحدثنا ببعض ما سقط إليكم من حديثنا؟ قال: بلى يا ابن رسول الله، قال: أني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الاخر كتاب الله وأهل بيتي ان تمسكتم بهما لن تضلوا.
____________________
والتخمين، أي أربعة آلاف على التخمين.
قوله (ع): هاتي الخوان الخوان بالكسر ككتاب ما يؤكل عليه الطعام، والجمع خون واخونة.
(٤٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 ... » »»
الفهرست