فلما انصرف رأيته منكسرا يتقلب على فراشه ويتأوه، قلت: مالك أبا بحير؟
فقال: استأذن لي على صاحبك إذا أصبحت انشاء الله، فلما أصبحنا دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقلت: هذا عبد الله بن النجاشي سألني أن أستأذن له عليك وهو يرى رأي الزيدية فقال ائذن له.
فلما دخل عليه قربه أبو عبد الله عليه السلام، فقال له أبو بحير: جعلت فداك أني لم أزل مقرا بفضلكم أرى الحق فيكم لا في غيركم، وأني قتلت ثلاثة عشر رجلا من الخوارج كلهم سمعتهم يتبرأ من علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: سألت عن هذا المسألة أحدا غيري؟ فقال: نعم سألت عنها عبد الله بن الحسن فلم يكن عنده فيها جواب وعظم عليه، وقال لي أنت مأخوذ في الدنيا والآخرة، فقلت: أصلحك الله فعلى ماذا عادينا الناس في علي عليه السلام؟
فقال له أبو عبد الله عليه السلام: وكيف قتلتهم يا أبا بحير؟ فقال: منهم من كنت أصعد سطحه بسلم حتى أقتله، ومنهم من دعوته بالليل على بابه فإذا خرج علي قتلته، ومنهم من كنت أصحبه في الطريق فإذا خلالي قتله، وقد استتر ذلك كله علي.
فقال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا بحير لو كنت قتلتهم بأمر الإمام لم يكن عليك في قتلهم شئ ولكنك سبقت الامام، فعليك ثلاث عشرة شاة تذبحها بمنى والتصدق بلحمها لسبقك الامام، وليس عليك غير ذلك.
ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: يا أبا بحير أخبرني حين أصابك الميزاب وعليك الصدرة من فراء، فدخلت النهر فخرجت وتبعك الصبيان يحيطون بك، أي شئ صيرك على هذا.
فقال عمار، فالتفت إلي أبو بحير فقال: أي شئ كان هذا من الحديث حتى تحدثه أبا عبد الله عليه السلام! فقلت: لا والله ما ذكرت له ولا لغيره وهذا هو يسمع كلامي.
فقال: له أبو عبد الله عليه السلام: لم يخبرني بشئ يا أبا بحير، فلما خرجنا من عنده،