الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٠٩
وإذ لم يصح عنده الناسخ منهما فهو منهي أن يقفو ما لا علم له به، وهذا خطأ، وبعضنا يرى ههنا الاخذ بالزائد، وبه نقول.
فليس منا أحد - ولله الحمد - ترك حديثا صحيحا بلغه بوجه من الوجوه لقول أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لرأي ولا لقياس ونعوذ بالله من ذلك.
وأما هم فإنهم يتركون نصوص القرآن لآرائهم وأهوائهم وتقليدهم، ويتركون الصحيح من الحديث عندهم كذلك، ويتركون القياس وهم يعرفونه ويعلمونه وهو ظاهر إليهم كذلك، فالقوم لم يتمسكوا إلا باتباع الهوى والتقليد فقط، ونعوذ بالله من الخذلان.
وقد انتهينا من إيضاح البراهين على إبطال الحكم بالقياس في دين الله تعالى إلى حيث أعاننا الله تعالى عليه، راجين الاجر الجزيل على ذلك، ولاح لكل من ينصف نفسه: أن القياس ضلال ومعصية وبدعة، لا يحل لاحد الحكم به في شئ من الدين كله، فليتق كل امرئ ربه. ولا يحمله اللجاج على الاعراض عن الحق، ولا يقتحم به حب استدامة رياسة قليلة على تحمل ندامة طويلة، فعن قريب يقف في مواقف الحكم بين يدي عالم الخفيات، فليفكر من حكم في دين الله تعالى بغير ما عهد به إليه في كلامه وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا: ماذا تكون حجته إذا سئل عن ذلك؟. وليوقن أن من سئل يوم القيامة بماذا حكمت؟. فقال: بكلامك يا رب وكلام رسوله إلي، فقد برئ من التبعة من هذا الوجه جملة، ومن زاد على ذلك أو تعداه فلينظر في المخلص، وليعد المسألة في حكمه بتقليد الآباء ورأيه وقياسه جوابا و: * (فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلى الله) * وحسبي الله ونعم الوكيل.
(١١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1104 1105 1106 1107 1108 1109 1110 1111 1112 1113 1114 ... » »»
الفهرست