الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١٠٧٦
مخالف لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم أخشى عليه الفتنة في الدنيا، والعذاب الأليم في الآخرة، أما سمعت قوله تعالى: * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * ثم ذكر حديث المواقيت.
حدثنا عبد الرحمن بن سلمة، نا أحمد بن خليل، نا خالد بن سعد، نا أحمد بن خالد، نا يحيى بن عمر، نا الحارث بن مسكين، أنا ابن وهب قال: قال لي مالك:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - إمام المرسلين وسيد المرسلين - يسأل عن الشئ فلا يجيب حتى يأتيه الوحي من السماء.
قال أبو محمد: فإذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجيب إلا بالوحي وإلا لم يجب، فمن الجرأة العظيمة إجابة من أجاب في الدين برأي أو قياس، أو استحسان أو احتياط أو تقليد، إلا بالوحي وحده، وبالله تعالى التوفيق.
حدثنا أحمد بن عمر بن أنس، نا أحمد بن عيسى غندر، نا خلف القاسم، نا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن راشد البجلي، حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر، نا يزيد بن عبد ربه قال: سمعت وكيع بن الجراح يقول ليحيى بن صالح الوحاظي: يا أبا زكريا احذر الرأي فإني سمعت أبا حنيفة يقول: البول في المسجد أحسن من بعض قياسهم.
حدثنا القاضي حمام بن أحمد، نا عبد الله بن علي الباجي اللخمي، حدثنا أحمد بن خالد، حدثنا عبيد بن محمد الكشوري، ثنا محمد بن يوسف الحذافي، حدثنا عبد الرزاق قال: قال لي حماد بن أبي حنيفة قال: أخبرني أبي: من لم يدع القياس في مجلس القضاء لم يفقه.
قال أبو محمد: فهذا أبو حنيفة يقول: إنه لا يفقه من لم يترك القياس في موضع الحاجة إلى تصريف الفقه، وهو مجلس القضاء، فتبا لكل شئ لا يفقه المرء إلا بتركه، وقد ذكرنا أيضا قول مالك آنفا في إبطال القياس، فإن وجد لهذين الرجلين بعد هذا القول منهما قياس، فهو اختلاف من قولهما، وواجب عرض القولين على القرآن والسنة، فلأيهما شهد النص أخذ به، والنص شاهد لقول من أبطل القياس على ما قدمنا، لا سيما وهذان الرجلان لم يعرفا قط القياس الذي ينصره أصحاب القياس، ومن استخراج العلل، ولكن قياسهما
(١٠٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1071 1072 1073 1074 1075 1076 1077 1078 1079 1080 1081 ... » »»
الفهرست