الاحكام - ابن حزم - ج ٨ - الصفحة ١١٥٦
حيث يوقن بوجوده فيه هذا ما لا خلاف بين أهل اللغة فيه والجهد بضم الجيم الطاقة والقوة تقول هذا جهدي أي طاقتي وقوتي والجهد بفتح الجيم سوء الحال وضيقها تقول القوم في جهد أي في سوء حال فإذ ذلك كذلك فالاجتهاد في الشريعة هو استنفاد الطاقة في طلب حكم النازلة حيث يوجد ذلك الحكم هذا ما لا خلاف بين أحد من أهل العلم بالديانة فيه قال أبو محمد وانما قلنا في تفسير الاجتهاد العام حيث يرجى وجوده فعلقنا الطلب بمواضع الرجاء وقلنا في تفسير الاجتهاد في الشريعة حيث يوجد ذلك الحكم فلم نعلقه بالرجاء لان أحكام الشريعة كلها متيقن ان الله تعالى قد بينها بلا خلاف ومن قال إن الله تعالى ورسوله عليه السلام لم يبين لنا الشريعة التي أرادها الله تعالى منا وألزمنا إياها فلا خلاف في أنه كافر فأحكام الشريعة كلها مضمونة الوجود لعامة العلماء وان تعذر وجود بعضها على بعض الناس فمحال ممتنع ان يتعذر وجوده على كلهم لان الله تعالى لا يكلفنا ما ليس في وسعنا وما تعذر وجوده على الكل فلم يكلفنا الله تعالى إياه قط قال الله تعالى * (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) * وقال تعالى * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * وبالضرورة ندري ان تكليف إصابة ما لا سبيل إلى وجوده حرج فصح قولنا وبالله التوفيق.
ثم اتفق العلماء على أن القرآن وما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قاله أو فعله أو أقره وقد علمه مواضع لوجود أحكام النوازل واختلفوا في نقل السنن على ما ذكرناه قبل وبينا الرهان هنالك يحول الله تعالى وقوته على وجوب قبول الخبر المسند بنقل العدول.
ثم اختلفوا فقالت طائفة لا موضع البتة لطلب حكم النازل من الشريعة ولا لوجوده الا هذه المعادن التي ذكرنا اما نص على اسم تلك النازلة واما دليل منها على حكم تلك النازلة لا يحتمل الا وجها واحدا وهذا قول جميع أهل الاسلام قطعا وان اختلفوا في الطرق التي توصل إلى معرفة السنن وهو قول جميع أصحابنا الظاهرين وبه نأخذ وقد بينا أقسام الدين المذكور فيما سلف من ديوننا هذا وحصرناها هنالك والحمد لله رب العالمين.
وقال آخرون بل ههنا مواضع أخر يطلب فيها حكم النازلة وهي الخبر المرسل
(١١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1151 1152 1153 1154 1155 1156 1157 1158 1159 1160 1161 ... » »»
الفهرست