بحرف (فلا بد) من حمله أيضا على بيان علة تشريع الحكم في نظر الامر، لا بيان ضابط كلي ليكون من منصوص العلة (وعلى فرض) تسليم كون الريب المنفي فيه هو الريب بنظر المكلف، ولو بملاحظة تثليث الأمور والاستشهاد في رد المشكل إلى الله تعالى بقول النبي صلى الله عليه وآله... حلال بين... إلخ فلا شهادة فيه على كون المراد من الريب المنفي فيه هو الريب الإضافي بالقياس إلى معارضه حتى يتعدى إلى كل ما يوجب أقربية أحد الخبرين من الاخر إلى الصدور أو الواقع (بل الظاهر) منه هو عدم الريب بقول مطلق من حيث السند بمعنى كون أحد الخبرين في نفسه مع قطع النظر عن ملاحظة إضافته إلى ما يقابله مما يطمئن بصدوره بحيث يصدق عليه عرفا إنه لا ريب في سنده (فان) ذلك هو الذي يقتضيه مورد التعليل بالشهرة (لوضوح) ان كون الخبر مشهورا عند الأصحاب لا سيما بين أرباب الأصول في الطبقة الأولى وأرباب الكتب المدونة لروايات الأصول مما يوجب الاطمئنان غالبا بسنده بحيث يصح أن يقال عرفا انه مما لا ريب فيه (بخلاف) الخبر الذي لم يدون في كتب الأصحاب ولا كان معروفا بين أرباب الأصول من الرواة (فإنه) مما لا يطمئن بصدوره (ومن المعلوم) ان غاية ما يقتضيه التعليل المزبور حينئذ بناء على التعدي إنما هو التعدي إلى كل ما يوجب الاطمئنان بسند أحد المتعارضين في نفسه لا إلى كل ما يوجب أقربيته بالإضافة إلى معارضه كما هو مرام القائل بالتعدي (لان) مثله خارج عن مقتضى التعليل المزبور كما هو ظاهر (ومع الإغماض) عن ذلك نقول أنه بعد اختلاف المزايا المنصوصة في مناط الأقربية من حيث سند الرواية ومن حيث نفس الخبر ومن حيث مضمونه وجهة صدوره، كان اللازم على القول بالتعدي هو التعدي من كل مزية إلى ما هو الأقرب من سنخه، فيتعدى من التعليل بالمجمع عليه إلى الأقربية بحسب الصدور ومن التعليل بالرشد إلى الأقربية بحسب الجهة وهكذا (لا التعدي) بقول مطلق إلى كل ما يوجب كون أحد الخبرين أقرب إلى الواقع أو الصدور، كما هو مرام القائل بالتعدي (نعم ذلك انما يتم بناء على المختار من إرجاع جميع هذه المرجحات إلى مرجح واحد صدوري ولازمه أيضا هو سقوط
(١٩٥)