بجريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستكشف منه (لان بقاء) الحكم الشرعي ثبوتا تابع بقاء مناط القبح واقعا، لا تابع بقاء نفس الحكم العقلي، والملازمة المزبورة بينهما انما تكون في مقام الكشف والاثبات لا في مقام الثبوت أيضا بحيث يدور الحكم الشرعي حدوثا وبقاء مدار الحكم للعقلي بالحسن والقبح (وحينئذ) فإذا كان كان الشك في بقاء المناط العقلي مستتبعا للشك في بقاء الحكم الشرعي واقعا فلا محالة يجري فيه الاستصحاب (وثانيا) على فرض لزوم كون الأحكام العقلية عن مناط محرز تفصيلي بخصوصياته (نقول): ان غاية، ما يقتضيه ذلك هو المنع عن تطرق الشك في المناط العقلي من جهة الشك في قيدية شئ فيه (واما الشك فيه) من جهة الشك في بقاء ما هو معلوم القيدية كالشك في بقاء الكذب على نافعيته والصدق على مضريته، فهو أمر ممكن، بل كثيرا ما يقع مثل هذا الشك في المناطات العقلية، وفي مثله وان يرتفع الحكم العقلي بالحكم العقلي بالحسن أو القبح فعلا، ولكنه بالنسبة إلى الحكم الشرعي المستكشف منه لا محذور من استصحابه بعد استتباع الشك في بقاء المناط العقلي للشك في بقاء الحكم الشرعي (مع إمكان) دعوى تطرق الشك في الحكم الشرعي في الأول أيضا، نظرا إلى احتمال أوسعية مناط الحكم الشرعي من مناط الحكم العقلي بقيامه بالأعم من الواجد لبعض الخصوصيات والفاقد لها، أو احتمال قيام مناط آخر مقام المناط الأول عند انتفائه الموجب لبقاء شخص الحكم الأول بلا اقتضاء تغيير المناط تغييرا لشخص الإرادة، نظير تبدل عمود الخيمة بالنسبة إلى هيئتها الموجودة الشخصية، فان حال المصالح و المناطات بالنسبة إلى الاحكام كحال عمود الخيمة بالنسبة إلى هيئتها الشخصية القائمة، فكما لا يوجب تبدل عمود الخيمة تغييرا في شخص هيئتها القائمة، كذلك تبدل المصالح والمناطات (ومع) إمكان تطرق الشك في بقاء الحكم الشرعي المستكشف بأحد الوجهين يجري فيه الاستصحاب ولو مع القطع بزوال بعض ما له الدخل في الحكم العقلي فتدبر (هذا كله) في استصحاب الحكم الشرعي المستكشف من الحكم العقلي بالحسن أو القبح بقاعدة الملازمة.
(٢٣)