في موضوع حكم العقل لان الجهات المقتضية للحكم العقلي بالحسن والقبح كلها راجعة إلى قيود فعل المكلف الذي هو الموضوع، فالشك في حكم العقل حتى لأجل وجود الرافع لا يكون الا للشك في موضوعه، والموضوع لا بد ان يكون محرزا معلوم البقاء في الاستصحاب كما سيجئ (ولا فرق) فيما ذكرنا بين ان يكون الشك من جهة الشك في وجود الرافع وبين ان يكون لأجل الشك في استعداد الحكم، لان ارتفاع الحكم العقلي لا يكون الا بارتفاع موضوعه، فيرجع الامر بالآخرة إلى تبدل العنوان، الا ترى إذا حكم العقل بقبح الصدق الضار فحكمه يرجع إلى أن الضار من حيث إنه ضار حرام، ومعلوم ان هذه القضية غير قابلة للاستصحاب عند الشك في الضرر مع العلم بتحققه سابقا، لان قولنا المضر قبيح حكم دائمي لا يحتمل ارتفاعه أبدا ولا ينفع في إثبات القبح عند الشك في بقاء الضرر، ولا يجوز ان يقال إن هذا الصدق كان قبيحا سابقا فيستصحب قبحه، لان الموضوع في حكم العقل بالقبح ليس هذا الصدق، بل عنوان المضر، والحكم له مقطوع البقاء (وهذا) بخلاف الأحكام الشرعية فإنه قد يحكم الشارع على الصدق بكونه حراما ولا يعلم أن المناط الحقيقي فيه باق في زمان الشك أو مرتفع فيستصحب الحكم الشرعي، انتهى كلامه قدس سره (أقول): ولا يخفى ما فيه، فان الاشكال المزبور إن كان راجعا إلى شبهة عدم إحراز بقاء الموضوع في استصحاب الاحكام المستكشفة من الأحكام العقلية، بدعوى ان القيود في الأحكام العقلية بأجمعها راجعة إلى نفس الموضوع الذي هو فعل المكلف، فالشك في بقاء الحكم المستكشف من الحكم العقلي حتى لأجل الشك في وجود الرافع يرجع إلى الشك في بقاء موضوعه، كما لعله هو الظاهر بل الصريح من بعض كلامه (ففيه) (أولا) منع الكلية المزبورة، لامكان دخل بعض القيود في الأحكام العقلية بكونه من الجهات التعليلية لطرو الحسن أو القبح على نفس الذات، كما لعله من هذا القبيل عنوان المضرية للصدق والنافعية للكذب في الحكم عليهما بالقبح والحسن (فان الظاهر)
(١٩)