نهاية الأفكار - تقرير بحث آقا ضياء ، للبروجردي - ج ٤ - الصفحة ٢٤
(واما) استصحاب نفس الحكم العقلي بالحسن أو القبح عند الشك في بقاء مناطه لشبهة حكمية أو موضوعية، فلا شبهة في أنه لا سبيل إلى استصحابه، وذلك لا من جهة ما قيل من عدم ترتب أثر عملي على استصحابه الا باعتبار إرادة إثبات الحكم الشرعي من استصحابه و هو غير ممكن لكونه من أوضح افراد الأصل المثبت، لأنه من استصحاب أحد المتلازمين لاثبات الملازم الاخر (بل من جهة) الجزم بانتفائه حينئذ وعدم إمكان تطرق الشك في الأحكام العقلية الوجدانية التي منها باب التحسين والتقبيح العقليين، فان حقيقة الحسن العقلي ليس الا عبارة عن ملائمة الشئ لدى القوة العاقلة كسائر ملائمات الشئ لدى سائر قواه من الذائقة والسامعة ونحوهما مما هو في الحقيقة من آلات درك النفس، قبال ما ينافر لدى القوة العاقلة المسمى بالقبح (ومن الواضح) امتناع تطرق الشك في مثل هذه الادراكيات الوجدانية، إذ هي تدور مدار حصول صفة الانبساط والاشمئزاز، نظير سائر الحالات الوجدانية كالفرح والحزن، فإذا انبسط العقل من شئ لكونه ملائما لديه يحكم بحسنه، كما أنه باشمئزازه عنه لمنافرته لديه يحكم بقبحه ولا يمكن فيه تطرق الشك و الاحتمال لامتناع خفاء الوجدانيات على الوجدان (نعم) المشكوك ما هو انما هو مناط حكمه من المصالح والمفاسد النفس الامرية ولكنه أجنبي عن الأحكام العقلية الوجدانية (كما أن) ما هو القابل لتطرق الشك والاحتمال فيه في العقليات هو الأحكام العقلية الاستكشافية في باب الملازمات ونحوها من الأمور الواقعية كحكمه بثبوت الملازمة بين الشيئين وحكمه باستحالة اجتماع النقيضين والضدين وامتناع التكليف بغير المقدور (فان درك) العقل فيها لما كان طريقا إلى الواقع لا مقوما لحكمه، كأحكامه الوجدانية التي منها باب التحسين و التقبيح كان المجال لتطرق الشك و الاحتمال فيها، كالشك في استحالة الشئ أو الشك في الملازمة بين الشيئين، بخلافه في أحكامه الوجدانية التي يكون دركه وتصديقه مقوم حكمه، فإنه يمنع تطرق الشك والاحتمال لاستحالة خفاء الوجدانيات على الوجدان (وبهذه) الجهة نفرق بين سنخي الحكم العقلي في باب التخطئة والتصويب أيضا، حيث نقول إن باب التحسين والتقبيح العقليين الناشئين
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»