كي ينتهى المجال إلى إلزامهم بالالتزام بالشريعة السابقة بمقتضى الاستصحاب المعلوم حجيته لديهم، (وإن كان) لا هذا ولا ذاك، بل لأجل إلزام المسلمين على إقامة الدليل على مدعاهم من الدين الجديد، فله وجه وجيه، الا ان مدعى بقاء الدين السابق أيضا يحتاج إلى إقامة الدليل على بقائه، ولا يكفيه الاخذ بالاستصحاب الذي هو الوظيفة الفعلية العملية للمتحير الشاك في إثبات البقاء، ولكن هذا المعنى خلاف ما هو المحكي عنه من قوله فعليكم كذا وكذا، فإنه ظاهر بل صريح في أن غرضه إلزام المسلمين على الاخذ بالدين السابق بالاستصحاب بمقتضى يقينهم السابق بنبوة عيسى عليه السلام، ولذا أفاد السيد الجليل في جوابه في مجلس المناظرة بما هو مضمون ما ذكره الرضا عليه السلام في جواب جاثليق من انا نعترف بنبوة كل موسى وعيسى إلخ، وعليه عرفت ما فيه من أن الاستصحاب وظيفة عملية للشاك في البقاء والارتفاع لا للمتيقن بالارتفاع، وإليه يرجع ما أفاده السيد قدس سره من الجواب في مجلس المناظرة من انا نؤمن ونعترف بنبوة كل موسى وعيسى أقر بنبوة نبينا صلى الله عليه وآله، فكان الغرض من هذا الجواب بيان ان علمنا بنبوة الشخص الخارجي المسمى بموسى أو عيسى عليه السلام لا يلزمنا البقاء على شريعتهما، لأنا كما نقطع بنبوتهما سابقا كذلك نقطع بنسخ شريعتهما، بل وباعترافهما بنبوة نبينا صلى الله عليه وآله حسب تصديقنا النبوة للنبي الجديد صلى الله عليه وآله وتصديقنا إياه في كل ما قال الذي منها اخباره بإخبارهما بمجئ نبي بعدهما اسمه أحمد، بل ووجوب البشارة عليهما لا متهما بمجئ نبينا صلى الله عليه و آله، فكان المقصود من ذكر القيد أخذه معرفا للشخص الخارجي المسمى بموسى وعيسى كسائر معرفاته من كونه طويلا أو أسمر اللون ونحو ذلك، لا ان المقصود أخذه منوعا قد جي به تضييقا لدائرة الكلي كي يتوجه عليه الاشكال بان موسى أو عيسى موجود واحد جزئي اعترف المسلمون وأهل الكتاب بنبوته (ومن الواضح) ان اعتراف المسلمين بنبوة هذا الشخص المبشر لا يكاد يضرهم ولا ينفع الكتابي أيضا فتدبر فيه فإنه ظاهر واضح.
(٢٢٣)