حكم العقل بوجوب الفحص (وثانيا) بقصورها عن إفادة تمام المطلوب، لأنها ظاهرة في الاختصاص بصورة يكون الفحص فيها مؤديا إلى العلم بالواقع، والمطلوب يعم ذلك وما لم يكن الفحص مؤديا إلى العلم بالواقع (واما الاجماع) فلا وثوق به لقوة احتمال كون مدرك المجمعين هو حكم العقل وهذه الأدلة (ومنها) حكم العقل بعدم معذورية الجاهل القادر على الفحص التارك له واستحقاق العقوبة عند تأدية ترك فحصه للوقوع في مخالفة الواقع (وتقريبه) من وجهين (الأول) حكمه بمنجزية احتمال التكليف وبيانيته للواقع قبل الفحص عن الأدلة نظير حكمه بحجية الظن في ظرف الانسداد على الحكومة وحكمه بوجوب النظر في المعجزة لاحتمال صدق مدعى النبوة (الثاني بما قربناه من كونه لأجل احتمال الضرر الموضوع لحكمه بوجوب دفعه لعدم استقرار الجهل الذي هو الموضوع لحكمه بقبح العقوبة والمعذورية لاحتمال ان يكون في البين طريق موصل إلى التكليف المحتمل وتمكنه من الوصول إليه (ويرد عليه) أيضا ما تقدمت الإشارة إليه من ورود إطلاق أدلة البراءة الشرعية المثبتة للترخيص في الارتكاب على الحكم العقلي المزبور بكلا تقريبه (الجهة الثانية) في مقدار الفحص الواجب، والظاهر أنه ليس له بنحو الكلية حد خاص وقدر معين، فان المدار فيه انما هو على ما يحصل معه اليأس عن وجود الدليل فيما بأيدينا من الكتب بنحو يستقر معه الشك في الواقعة، ويخرج عن معرضية الزوال على مسلك من اعتبر الفحص من جهة حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل أو منجزية نفس احتمال التكليف قبل الفحص، وتخرج معه الواقعة عن الطرفية للعلم الاجمالي على مسلك من اعتبره لأجل العلم الاجمالي كما قربناه، ويختلف مقدار ذلك باختلاف الاعصار بل الاشخاص أيضا، فالواجب على المكلف حينئذ هو بذل الجهد واستفراغ الوسع لتحصيل الأدلة فيما بأيدينا من الكتب وفي فحاوي كلمات الأصحاب لتحصيل الاجماع، بل اللازم أيضا الفحص عن أفكارهم في مقام تطبيق القواعد والكبريات على الموارد، إذ لعله قد خفي عليه شئ وبالفحص عن آرائهم يحصل له رأى آخر على خلاف رأيه الأول (وعلى كل حال) لا بد في الفحص من بلوغه إلى حد يحصل معه اليأس العادي عن الظفر بالدليل على معنى بلوغه بمقدار
(٤٧٥)