الجهة المعلومة في نفسها من الصغائر لا يترتب على ارتكابه آثار الفسق بعد جريان البراءة بالنسبة إلى الجهة المشكوكة (واما المورد الثاني) الذي أفاد إلحاقه بالخارج عن الابتلاء، ففيه ان البعد المتصور في نحو المثال إن كان بمثابة يعد المكلف عرفا أجنبيا عنه عادة فهو من مصاديق الخارج عن الابتلاء لا ملحق به، وان لم يكن كذلك بل كان بعد اتفاق ابتلا المكلف به من جهة بناء شخص المكلف على عدم ارتكابه واستقرار عادته على ترك السجود على تراب الطريق و التيمم به أو لكونه معرضا عنه بالطبع لمكان خسته وحقارته مع القدرة العادية عليه فلا وجه للالحاق (كيف) ولازمه تخصيص النواهي الشرعية بمن ينقدح في نفسه إرادة الفعل لولا النهي وهو كما ترى، فإنه لا شبهة في صحة النهي وحسنه في الموارد التي يكون المكلف بالطبع غير مريد للفعل كما في كشف العورة بمنظر من الناس ونحوها التي يمتنع عنها الطبع البشري لولا النهي (فرع) إذا كان المكلف محدثا وكان عنده ماء وتراب وعلم بنجاسة أحدهما مع انحصار الطهور بهما، ففي وجوب الجمع بين الوضوء والتيمم أو وجوب الوضوء فقط أو عدم وجوب شئ عليه لكونه بحكم فاقد الطهورين، وجوه (والتحقيق) ان يقال إنه إن كان التراب مورد ابتلائه أيضا من غير جهة التيمم به، فاللازم هو الجمع بين الوضوء و التيمم للعلم الاجمالي والتمكن من تحصيل الطهارة، بل الواجب هو تقديم التيمم على الوضوء لان في فرض العكس يعلم تفصيلا ببطلان تيممه اما من جهة نجاسة محاله أو من جهة نجاسة ما يتيمم به (واما) إذا لم يكن التراب مورد ابتلائه الفعلي من غير جهة التيمم به، فالواجب هو الوضوء فقط، لا لان أصل الطهارة الجاري في الماء يرفع الابتلاء بالتيمم كما عن بعض المعاصرين، بل لعدم اقتضاء العلم الاجمالي حينئذ لاحداث التكليف الفعلي على كل تقدير فإنه على تقدير كون النجس هو التراب لا يحدث من قبل نجاسته تكليف بالاجتناب عنه (لان) فرض نجاسته ملازم لطهارة الماء المستتبع للتكليف بالطهارة المائية، فعدم تكليفه حينئذ بالتيمم به ليس من جهة نجاسته بل هو من جهة كونه واجدا للماء الطاهر، وحينئذ فبعد سقوط العلم الاجمالي المزبور عن التأثير يرجع الشك في نجاسة الماء إلى كونه بدويا فتجري فيه أصالة الطهارة ويترتب على جريانها وجوب الوضوء.
(٣٤٩)