الوجوب الغيري المستقل إليها، فتمام المنشأ حينئذ لتوهم الاشكال المزبور انما هو من جهة عدم التفرقة بين المقدمات في مناط دخلها في المطلوب وتخيل اتحاد الجميع في كيفية الدخل في المطلوب الذي هو مناط ترشح الوجوب الغيري إليها، والا فبناء على ما ذكرنا من اختلافها في مناط الدخل لا يكاد مجال لأصل الاشكال كما لا يخفى، كيف وانه لو أغمض عما ذكرنا لا يكاد يجدى أيضا ما أفيد في التفصي عنه - كما في التقريرات - من دعوى المغايرة باعتبار لحاظ الاجزاء منضما تارة ومستقلا أخرى، ووجهه يظهر مما قدمناه سابقا في بيان امتناع اتصاف الاجزاء في الواجبات النفسية بالوجوب الغيري ولو مع تسليم ملاك المقدمية فيها، فراجع هناك تعرف.
ومن التقسيمات: تقسيمها إلى مقدمة الوجوب ومقدمة الواجب وتقسيم الثاني إلى المعلق والمنجز ولا إشكال بينهم في خروج مقدمات الوجوب عن حريم النزاع وعدم وجوبها، وهو كذلك من جهة خروج مثل هذه القيود عن حيز الطلب بمادية من الميل والمحبة أيضا، كما ستطلع عليه.
ولتنقيح المرام في المقام لا بد من بيان مقدمة في شرح اختلاف القيود في كيفية دخلها في المصلحة وعدم كونها على نمط واحد، فنقول:
اعلم بان القيود في دخلها في المصلحة على ضربين: منها ما يكون راجعا إلى مقام الدخل في أصل الاحتياج إلى الشئ واتصاف الذات بكونها صلاحا ومحتاجا إليها بحيث لولاه لما كاد اتصاف الذات بكونه مصلحة وصلاحا، ومنها ما يكون راجعا إلى مقام الدخل في وجود المحتاج إليه وتحقق ما هو المتصف بالمصلحة والصلاح فارغا عن أصل اتصافه بالوصف العنواني، كما يوضح ذلك ملاحظة الاسهال بالقياس إلى وجود المرض وشرب الدواء والمسهل، حيث ترى ان دخل المرض فيه انما هو في أصل اتصاف الاسهال بكون صلاحا ومصلحة بملاحظة ان اتصافه بكونه صلاحا ومحتاجا إليه انما هو في ظرف تحقق المرض وفوران الاخلاط والا ففي ظرف صحة المزاج وتعادل الاخلاط لا يكاد يكون فيه المصلحة بل ربما كان فيه كمال المفسدة من جهة أوله إلى تلف النفس، وهذا بخلافه في شرب الدواء والمسهل