بناء على عدم كفاية مجرد الاتيان بالعمل بقصد التوصل به إلى غرض المولى في القرب المعتبر في العبادة واحتياجه إلى التقرب بالعمل بقصد الامر الفعلي أو رجحانه الفعلي، إذ حينئذ من جهة خروج الأكوان عن دائرة المحبوبية بمقتضى أهمية مفسدة الغصب لا يكاد تمكنه من التقرب بتمام العمل فمن ذلك لا بد له من الصبر إلى أن يزول اضطراره فيتمكن من التقرب بالعمل بداعي امره ورجحانه الفعلي، كما هو واضح.
واما صورة الشك في زوال اضطراره قبل الوقت فيلحق بالعلم ببقائه إلى آخر الوقت بمقتضى الاستصحاب فيما لو كان اضطراره الموجب لسقوط التكليف عنه شرعيا بمقتضى حديث الرفع لا عقليا محضا، والا فلا مجال للاستصحاب لانتفاء الأثر الشرعي حينئذ، كما هو واضح.
بقي الكلام فيما لو تمكن من الخروج وقد كان الوقت مضيقا أيضا بنحو لا يتمكن من إيجاد الصلاة في خارج الغصب في أنه هل يجب عليه الاتيان بصلاته حينئذ في حال الخروج بحيث لو ترك الخروج وأتى بصلاته في حال استقراره تبطل صلاته، أولا، بل كان له الاتيان بصلاته أيضا في غير حال الخروج وان إثم بتركه للخروج بملاحظة ما يترتب عليه من الغصب الزائد عن المقدار المضطر إليه؟ فيه وجهان: أقربه الثاني، وذلك انما هو لوجود المقتضى لصحة صلاته وانتفاء المانع، اما الأول فواضح من جهة فرض وجدان المأتي به حينئذ للملاك والمصلحة، واما الثاني فكك أيضا إذ المانع المتصور حينئذ لا يكون الا فعلية نهيه وتنجزه وهو بالفرض ساقط حسب اضطراره في تلك الساعة سوأ على تقدير اختيار الخروج في تلك الساعة أو البقاء في الغصب، وبالجملة نقول بأنه بعد اضطراره في تلك الساعة إلى ارتكاب الغصب وعدم التفاوت في شاغليته للمكان في تلك الساعة بين حال سكونه وبقائه وبين حال حركته وخروجه كان له اختيار البقاء في تلك الساعة وجعل كونه كونا صلاتيا. نعم في فرض اختيار البقاء يلازم بقائه فيه الغصب الزائد في الساعة الثانية، ولكن مجرد ذلك غير مقتض للنهي عن كونه البقائي في الساعة الأولى كي يقع بذلك مبعدا له، إلا على القول باقتضاء الامر بالشئ للنهي عن ضده:
واما توهم مقدمية البقاء حينئذ لارتكاب الغصب الزائد فمدفوع بمنع المقدمية فان البقاء انما هو ملازم للغصب الزائد بلحاظ المضادة بين الكونين أي الكون في الغصب