كما أنه على مسلك عدم سراية الامر من الطبيعي إلى الفرد كان المتجه هو المصير إلى الجواز في كل مورد كان الامر متعلقا بالطبيعي و الجامع والنهي بفرد من افراده وإن كان المبنى خلاف التحقيق، كما مر بيانه وشرح السراية في المقدمة السابعة.
واما على مسلك اختلاف أنحاء حدود وجود الشئ الوحداني الجاري حتى في صورة وحدة عنوان المتعلق في الأمر والنهي كقوله: صل و قوله: لا تصل في الدار المغصوبة أو في الحمام فقد عرفت ان المختار على هذا المسلك أيضا هو الجواز في كل مورد كان المطلوب من الامر هو صرف الطبيعي والجامع دون الطبيعة السارية مع أقوائية المصلحة الجامعية من المفسدة التعيينية في الفرد وإلا فالمتجه هو عدم جواز الاجتماع، ومن ذلك لا يكاد يجدى هذا المسلك أيضا للجواز في مثال الغصب والصلاة الذي هو معركة الآراء وذلك انما هو من جهة ما يعلم من مذاق الشرع من أهمية مفسدة الغصب ولو من جهة كونه من حقوق الناس إذ حينئذ يخصص دائرة رجحان الطبيعي و الجامع عقلا بما عدا هذا الفرد فيصير الفرد الغصبي بتمام حدوده مورد تأثير المفسدة الأهم التعيينية في المبغوضة الفعلية وهذا بخلافه في فرض أهمية مصلحة الجامع فإنه في هذا الفرض يكون التأثير للمصلحة الأهم فيمكن حينئذ الالتزام بجواز الاجتماع بالتفكيك بين أنحاء حدود الفرد المزبورة بالتقريب المتقدم.
بل وعلى هذا التقريب أيضا عرفت حل الاعضال في العبادات المكروهة أيضا، حيث جمعنا بين صحة العبادة وبين ظهور النواهي المتعلقة بها في الكراهة المصطلحة بالالتزام بفعلية الكراهة في الفرد ولو ببعض حدوده مع الالتزام بصحة العبادة أيضا لمكان رجحانها ذاتا بمقدار يقتضى حفظ وجودها من قبل حدودها الطبيعي لا مطلقا حتى من قبل حدودها الشخصية، ولكن مثل ذلك كما عرفت انما هو في العبادات المكروهة التي لها بدل كالصلاة في الحمام مثلا، واما ما لا بدل لها منها كصوم يوم عاشوراء والصلوات المبتدئة في الأوقات المخصوصة في أول طلوع الشمس وعند غروبها ونحو ذلك مما كان امره من قبيل الوجود الساري فلا يتم هذا التقريب، إذ في مثل ذلك يقع التزاحم قهرا بين الأمر والنهي في الفرد بجميع حدوده، ومن ذلك لا بد فيها اما من صرف تلك النواهي عن ظاهرها إلى حيث إيقاع العبادة في الأوقات الخاصة، نظير النهي عن إيقاع جوهر نفيس في مكان قذر، فكان المبغوض حينئذ هو كينونة الصلاة في أوقات خاصة لا نفسها، واما من حمل الكراهة