لشخصيته فحيث انه لا تزاحمها المصلحة تبقى المفسدة القائمة بالفرد بجميع حدوده على حالها فتؤثر في مبغوضية الفرد في حدوده المقومة لشخصيته فيصير الفرد المزبور حينئذ ببعض أنحاء حدوده وهو الحد الجامعي المستلزم لحفظه في ظرف عدم بديله بمقتضى أهمية المصلحة تحت المحبوبية الفعلية وببعض حدوده الاخر وهو الحد المقوم لشخصية الحصة تحت المبغوضية الفعلية هذا بالنسبة إلى مقام مزاحمة الملاكين في عالم التأثير في الحب والبغض.
واما بالنسبة إلى مقام مزاحمتهما الملاكين في عالم الوجود فحيث انه أمكن حفظ كلا الغرضين ولو في ضمن وجودين فلا جرم يرجح العقل جانب المفسدة المهمة ومبغوضية الفرد من ناحية حدوده المشخصة على المصلحة الأهم المؤثرة في محبوبيته من ناحية حدوده الجامعي جمعا بين الغرضين، وبهذه الجهة تصير الإرادة الفعلية على وفق المفسدة المهمة ولو كانت في أدنى درجة الضعف والمصلحة في أعلى درجة القوة من غير أن يلاحظ في ذلك درجات المصلحة والفسدة وتأثيراتهما في المحبوبية والمبغوضية بوجه أصلا، الا إذا فرض وقوع المزاحمة بينهما في عالم الوجود أيضا بحيث لا يتمكن من الجمع بين الغرضين فيؤثر الأقوى درجة منهما ويكون الإرادة الفعلية أيضا بحكم العقل على وفقه، والا فمع عدم صدق المزاحمة بينهما حقيقة في هذه المرحلة وإمكان الجمع بينهما ولو في ضمن وجودين فلا محالة يكون الترجيح بحكم العقل في لزوم الجمع بين الغرضين مهما أمكن للمفسدة المهمة وتكون الإرادة الفعلية أيضا على وفقها وإن كانت في أدنى درجة الضعف حتى البالغة إلى حد الكراهة.
ومن هذا البيان ظهر حل الاعضال في العبادات المكروهة أيضا فإنه بمقتضى ما ذكرنا أمكن الالتزام فيها بالكراهة المصطلحة فيما لو كان الامر متعلقا بالجامع المنتج لوجوب كل فرد تخييرا، والنهي متعلقا بالطبيعة السارية، كالأمر بالصلاة الجامعة بين الصلاة في الحمام وبين الصلاة في غيره من الأمكنة مع النهي التنزيهي عن الصلاة في الحمام أو في موضع التهمة مثلا، وذلك انما هو بالتفكيك بين حدود الفرد من حيث حدوده الجامعة وحدوده المشخصة له بالتقريب المتقدم من دون حاجة إلى الالتزام فيها بأقلية الثواب أو غيرها من المحامل الاخر، كما هو واضح.
ثم إن هذا كله فيما لو كان الامر متعلقا بصرف الطبيعي الجامع بين الافراد.
واما لو كان الامر متعلقا بالطبيعة السارية كالنهي بحيث يقتضى مطلوبية كل واحدة من الحصص على نحو التعيين، فلا جرم لا يكاد يتم التفكيك المزبور بين مقام تأثير الملاكين