وحدة الملاك والحكم والموضوع، فكان المحمول فيها دائما حكما شخصيا متعلقا بموضوع وحداني بملاك خاص كما في مثل الصلاة واجبة في قبال الصوم واجب والحج واجب، ومثل هذا الملاك غير موجود في المقام فلا يكون تعلق الوجوب المقدمة من باب تعلق شخص حكم بموضوع وحداني بمناط وحداني خاص، بل بعد إن كان عنوان المقدمية من الجهات التعليلية لا التقييدية لا جرم الحكم المحمول على العنوان المزبور يكون حاكيا عن وجوبات متعددة مختلفة شدة وضعفا بموضوعات عديدة بملاكات متعددة، فكان حال المقدمة حينئذ بعد كون وجوبها بمناط دخلها في ذيها حال كل واجب يترشح إليه الوجوب من جهة دخله في ترتب المصلحة الخاصة عليه، فيختلف الوجوب فيها حينئذ حقيقة وملاكا باختلاف ما يترتب على المقدمات نظير اختلاف الوجوبات باختلاف المصالح المترتبة عليها، وعليه فلا يكون هذا العنوان في المقام حاكيا عن محمول واحد متعلق بموضوع واحد بملاك واحد كما في (الصلاة واجبة، و الصوم الواجب) بل هو يكون حاكيا ومرآة موضوعا ومحمولا عن موضوعات متعددة محكومة باحكام متعددة بمناطات مختلفة، ومن المعلوم حينئذ أنه لا يكون في البين حينئذ جهة وحدة في البحث المزبور الا حيثية الملازمة التي عرفت كونها محط النظر والبحث، و عليه لا يكاد ارتباطها بالمسألة الفرعية بوجه أصلا، مضافا إلى ما عرفت أيضا من عدم اختصاص مورد البحث بخصوص مقدمة الواجب بل عمومه في مقدمات الحرام والمكروه والمستحب أيضا مع ما لها من الاختلاف بحسب المراتب والمناط، فكان المقام من هذه الجهة من قبيل البحث عن أن فعل المكلف هل يكون محكوما بالأحكام الخمسة أم لا ومعلوم حينئذ عدم ارتباطها بالمسألة الفرعية، كما هو واضح.
على أنه ينطبق عليه أيضا ميزان المسألة الأصولية، فان ميزان كون المسألة أصولية كما أفادوه هو ما يكون نتيجتها واقعة في طريق استنباط الحكم الفرعي على معنى وقوع نتيجتها كبرى في القياس لصغرى يفيد الحكم الفرعي، ومثل هذا الميزان ينطبق على المسألة كما في قولك: (هذه مقدمة الواجب وكل مقدمة الواجب واجبة فهذه واجبة) كما ينطبق في فرض جعل النزاع في ثبوت الملازمة، غايته انه على ذلك يحتاج إلى تشكيل قياسين في إنتاج الحكم الفرعي، بخلافه على ظاهر عنوان البحث، فإنه لا يحتاج الا إلى تشكيل قياس واحد.
واما توهم انتقاضه بمثل الشرط المخالف للكتاب والسنة لوقوع نتيجتها أيضا كبرى