المبحث السادس قد اختلفوا في جواز أمر الامر مع العلم بانتفاء شرطه وعدم جوازه على قولين، وقد نسب القول بالجواز إلى الأشاعرة، ولكن الظاهر أن المراد من الشرط المنتفي انما هو شرط وجود المأمور به لا شرط نفس الامر، لان ذلك مما لا مجال للنزاع فيه، إذ لا ينبغي الاشكال في عدم جوازه حتى من الأشاعرة المنكرين للتحسين والتقبيح العقليين، نظرا إلى رجوعه حينئذ إلى البحث عن جواز تحقق المعلول بدون علته التامة، وهو كما ترى لا يتوهمه من له أدنى شعور، هذا إذا أريد من الانتفاء الانتفاء بقول مطلق، واما لو أريد انتفاء شرط بعض مراتب الامر فهو أيضا مما لا ينبغي الاشكال في جوازه، فإنه إذا كان للامر مراتب من حيث الانشاء والفعلية والتنجز أمكن لا محالة الامر به بمرتبة إنشائه مع انتفاء شرطه بالنسبة إلى مرتبة فعليته أو مرتبة تنجزه أو الامر به بمرتبة فعليته مع انتفاء شرط مرتبة تنجزه، إذ لا محذور عقلا يترتب عليه كي يصار لأجله إلى عدم جوازه وامتناعه، كيف وان الدليل على إمكانه حينئذ هو وقوعه في العرفيات والشرعيات كما في موارد الأصول والامارات المؤدية إلى خلاف الواقع، بل ولعل كثيرا من الاحكام بعد واقفة على مرتبة إنشائها ولم تصل إلى مرتبة فعليتها إلى أن يقوم الحجة عجل الله تعالى فرجه كما لعله من ذلك أيضا قوله عليه السلام: (ان الله سبحانه سكت عن أشياء لم يسكت عنها نسيانا إلخ) وحينئذ فيتعين إرادة انتفاء شرط وجود المأمور به، وعليه أيضا ينبغي تخصيص مورد النزاع بالانتفاء الموجب لسلب قدرة المأمور على الامتثال وإتيانه واجدا لشرطه لا مطلق الانتفاء ولو المستند إلى اختيار المكلف مع تمكنه من تحصيله، فان ذلك أيضا مما لا
(٣٧٨)