ما بنسبة تصورية كما في المصدر، أو نسبة تصديقية كما في الافعال، وحينئذ فلا يكون فيها ما يكون وجهة وعنوانا للذات وجاريا عليها، ومجرد الاسناد بين الفعل والفاعل في قولك:
زيد ضرب غير الحمل والاتحاد كما لا يخفى. ومن ذلك البيان ظهر أيضا نكتة الفرق بين المشتق ومبدئه من حيث إباء الثاني عن الجري عن الذات والحمل عليها دون الأول، حيث كان السر في امتناع الأول عن الجري على الذات من جهة أخذه بنحو يرى كونه في قبال الذات فمن هذه الجهة يأبى ويعصى عن الجري عليها، بخلاف المشتق فإنه باعتبار أخذه وجهة وعنوانا للذات وطورا من أطوارها لا يأبى عن الجري عن الذات والحمل عليها، وسيجئ مزيد بيان لذلك في تنبيهات المسألة إن شاء الله تعالى، فالمهم والمقصود في هذا المقام انما هو إخراج المصادر والافعال عن حريم النزاع وتخصيص مورد النزاع بما يكون جاريا على الذات.
على أن هذا النزاع انما يختص بمورد يتصور فيه الانقضاء والبقاء وهذا المعنى غير متصور في المصادر والافعال فان المصادر وكذا الفعل الماضي لا يتصور فيهما الذات القابلة للتلبس بالمبدأ تارة والخلو عنه أخرى وكذا فعل المضارع فإنه لا يتصور فيه أيضا الانقضاء كما لا يخفى.
ثم إنه لما انجر الكلام إلى هنا ينبغي عطف البيان إلى ذكر شطر من المباحث الراجعة إلى المشتقات وكيفية أوضاعها من المصادر و الافعال والأسماء وبيان الفارق بين الافعال والأسماء وإن كان الأنسب هو ذكر هذه الجهة في التنبيهات عند التعرض لبيان مفهوم المشتق من حيث التركيب والبساطة فنقول:
ان هنا جهتين من الكلام الجهة الأولى:
اعلم أن كل باب من أبواب المشتقات من مصادرها وأفعالها مثل الضرب (بالسكون) وضرب (بالفتح) وضارب ومضروب ونحوها كان كل واحد منها مشتملا على هيئة مخصوصة ومادة مشتركة بينه وبين غيره من الصيغ سارية في جميعها بحيث لا يكاد يمكن التلفظ بها باعتبار اندكاكها إلا في ضمن هيئة مخصوصة ولو كانت تلك الهيئة هيئة ضاد وراء وباء، ولهذه المادة السارية المحفوظة في جميع تلك الصيغ أيضا معنى هو مثلها في التجرد بنحو لا يمكن تصوره وإخطاره في الذهن إلا بتعين خاص كان ذلك التعين هو المعنى الاسم المصدري أو المعنى المصدري أو غير هما، وحينئذ فكانت تلك المادة المحفوظة في جميع تلك الصيغ من المصادر والافعال والأسماء بما لها من المعنى