الأمر الرابع:
لا يخفى عليك اختصاص هذا النزاع بخصوص الأوصاف التي تنتزع من أمر خارج عن الذات بنحو أمكن تخلف الذات عنها ويتصور فيها الانقضاء فيخرج حينئذ الأوصاف المنتزعة عن حاق ذات الشئ التي لا يكاد يتصور تخلف الذات عنها كالمحمولات بالضميمة كالحيوانية والانسانية والناطقية والصاهلية، فإنها بملاحظة عدم تخلف الذات عنها لا يكاد يتصور فيها الانقضاء حتى تكون مطرحا للنزاع كما لا يخفى.
نعم قد يشكل الامر حينئذ بالنسبة إلى بعض المفاهيم كأسماء الزمان ونحوها من الأمور التدريجية الغير القارة فإنه لما لم يكن فيها ذات ممتدة قارة قابلة للتلبس بالمبدأ تارة والخلو عنه أخرى أشكل عليهم بلزوم خروجها عن مورد النزاع فمن ذلك وقعوا في حيص و بيص وصاروا بصدد دفع الاشكال بوجوه:
منها: ما أفاده صاحب الكفاية (قدس سره) حيث أجاب عن الاشكال بان انحصار مصداق مفهوم عام كلي بفرد كما في المقام لا يكون موجبا لوضع اللفظ بإزاء الفرد دون المفهوم العام فلا غرو في مثل أسماء الزمان بالمصير فيها إلى الوضع للأعم غايته انحصار مصداق هذا المفهوم في الخارج في فرد خاص كانحصار فرد واجب الوجود بالذات فيه تعالى مع كونه كليا قابلا للانطباق على الكثير بمعنى انه لو فرض محالا مصداق آخر له لكان ينطبق عليه هذا المفهوم بلا كلام.
أقول: ولا يخفى عليك انه لما كان الاشكال في المقام بعينه هو الاشكال المعروف في استصحابات الأمور التدريجية الغير القارة من حيث عدم بقاء الموضوع وعدم اتحاد القضية المتيقنة والمشكوكة كان الحري عليه (قدس سره) ان يجيب عنه في المقام بما أجاب عنه في ذلك المقام فإنه (قدس سره) فصل في ذلك المقام بين الحركة القطعية والحركة التوسطية فقال: بان الانصرام والتدرج انما هو في الحركة القطعية وهي كون الشئ في كل آن في حد أو مكان لا التوسطية وهي كونه بين المبدأ والمنتهى لأنه بهذا المعنى يكون قارا مستمرا، إذ لا يخفى عليك انه لو تم ذلك هناك أمكنه أيضا في هذا المقام تصوير الامر القار بين حالتي التلبس والانقضاء فلا وجه حينئذ لالتزامه في المقام بأصل الاشكال ثم الجواب بمثل البيان المزبور بان انحصار مفهوم عام بفرد (إلخ).
ولكن أصل هذا الجواب أيضا غير مجد لدفع الاشكال المزبور هناك أيضا، إذ قلنا في ذلك البحث بان مثل هذه الوحدة المنتزعة عما بين المبدأ والمنتهى انما هي وحدة اعتبارية