تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٧٠٤

____________________
إلى حرمة الفعل ووجوب الترك، ولذا كان ترك كل حرام واجب وترك كل واجبا حراما من غير أن يكون هناك تكليفان، فحيثية الأمر بالفعل هي حيثية النهي عن الترك، إذ ترك الترك هو عين الفعل بحسب الخارج، لكون الفعل والترك نقيضين وكل منهما رفع للآخر، فيكون طلب كل منهما طلبا لترك الآخر، إلى آخره.
فإن قلت: كيف تنكر تصادق الأمر والنهي عن الترك، مع أن صدق المأمور به والمنهي عن تركه على شيء واحد من الضروريات.
قلت: صدق المنهي عن تركه على ما صدق عليه المأمور به إنما يدخل في عداد الضروريات إذا كان المراد بالنهي المنع المقابل للإذن، وإلا فعلى معناه الحقيقي المقابل للأمر لا صدق له أصلا وإلا لزم تصادق المتبائنين، مضافا إلى لزوم التناقض بين مفهومي " النهي " و" الطرف " (1) كما لا يخفى.
وإن كان المراد بصدقهما على شيء واحد صحة التعبير عن طلب الفعل " بافعل كذا ولا تتركه ".
ففيه: أن غايته كون مفاد العبارتين واحدا وهو غير مجد في المقام، إذ الكلام في الصدق المعنوي وقد تقدم في بحث الأمر أن " لا تتركه " من حيث المعنى أمر وإن كان من حيث اللفظ نهيا.
نعم هو باعتبار الصيغة نهي جريا على اصطلاح أهل العربية، ولكنه غير مراد في المقام.
ومن هنا تبين فساد ما قد يقال في الاستدلال على هذا المذهب من صحة وقوع كل من الأمر بالشيء والنهي عن تركه تعبيرا عن الآخر، ولذا ترى أن المريد للضرب مثلا يصح له الأمر به بقوله: " اضرب " أو النهي عن تركه بقوله: " لا تترك الضرب " فإن مفاد كل منهما واحد وهو الطلب الحتمي المتعلق بالضرب.
وقد يقرر: بأنا نجد أن ما في ضمير المولى عند إرادة الطلب شيء واحد وهو تحتيم حصول الفعل في الخارج، فله أن يجعل موضوع طلبه الفعل فيقول:
" افعله " فيكون أمرا، وأن يجعله الترك فيقول: " لا تتركه " فيكون نهيا، فهو معنى واحد وله عبارتان، فإن كون مفاد العبارتين واحد مسلم وصدق " الأمر " على العبارة الأولى " والنهي " على العبارة الثانية على اصطلاح أهل العربية أيضا مسلم، غير أن النزاع ليس في ذلك الأمر اصطلاحي،

(1) أي المقابل.
(٧٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 690 692 698 699 702 704 705 706 707 708 709 ... » »»