في لسان المتشرعة ولو مع الشارع أو بصيرورتها حقائق قبل زمانه الثالث ما ورد في الأخبار المستفيضة من أنه لا صلاة إلا بطهور و لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب ولا صيام لمن لم يبت الصيام من الليل إلى غير ذلك مما يدل بظاهره على نفي الماهية عند انتفاء بعض الاجزاء والشرائط فيلزم أن لا يكون اللفظ موضوعا لها حينئذ ويتم المقصود فيها عند انتفاء غير تلك الأجزاء والشرائط وفي غير تلك العبادات بعدم القول بالفصل وأورد بالمنع من تعلق النفي في تلك الموارد بنفس الماهية لجواز تعلقه بما هو خارج عنها كالصحة و الكمال كما في قوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ولا عمل إلا بنية ونحو ذلك على أن حمل النفي في الرواية الثانية على نفي الماهية غير ممكن لصحة الصلاة في صورة نسيانها أو عدم القدرة على قرأتها أو كون المصلي مأموما وكذا الرواية الثالثة إذ قد يصح الصوم مع عدم بيتوته من الليل والجواب أن ظاهر اللفظ إنما يقتضي نفي الماهية لتعلقه بها وحمله على نفي صفاتها بالتقدير أو بالتجوز خروج عن الظاهر فلا يصار إليه من غير ضرورة تلجئ إليه و إلحاقه ببعض نظائره قياس فلا يلتفت إليه وعدم البطلان في بعض الصور لا يورث القدح في الحمل المذكور لشيوع التخصيص و رجحانه على سائر أنواع المجاز على أن الكلام يتم بالرواية الأولى أيضا الرابع أن جميع العبادات مطلوبة للشارع متعلقة لامره ولا شئ من الفاسدة كذلك فلا شئ من الفاسدة بعبادة وهو المطلوب أما الصغرى فلامرين الأول الأوامر المتعلقة بها وذلك ظاهر الثاني أن العبادة ليست إلا ما رجح فعله على تركه وظاهر أن الرجحان إنما يتحقق بعد تعلق أمر الشارع وطلبه بها فلا بد في كونها عبادات من كونها متعلقة لطلب الشارع وأمره وهو المقصود في الصغرى و أما الكبرى فظاهر ضرورة أن أوامر الشارع لا تتعلق بالفاسدة وإلا لخرجت عن كونها فاسدة ويمكن أن يناقش في الوجه الأول بالتزام التقييد في تلك الاطلاقات وفي الثاني بالمنع من تفسير مطلق العبادة بما رجح فعله على تركه بل ذلك معنى الصحيحة منها دون الأعم فإنه أعم من الراجح وغيره نعم يعتبر أن يكون نوعها راجحا في الجملة ليتميز عما ليس بعبادة ولا يخفى ما في المقامين من التعسف لا سيما الأخير ولو قيل بالفرق بين اسم العبادة وأسامي العبادات وأن الاسم يختص بالصحيحة بخلاف الأسامي كان أوضح الخامس لو كانت تلك الألفاظ موضوعة للصحيحة كان له أوجه ضبط في المعنى الموضوع له كالصحيحة أو المبرئة للذمة أو المطلوبة للشارع أو نحو ذلك وأما إذا كانت موضوعة للمعنى الأعم لم يكن لها وجه ضبط بحيث يمكن تعقله حتى يصح أن تكون تلك الألفاظ موضوعة بإزائها ولا يمكن القول بأنها موضوعة لجملة من تلك الأفعال لعدم صدقها عندهم على كل جملة منها ولا يصح أخذها على وجه يعتبر فيه الصدق عرفا للزوم الدور فإن الصدق عرفا يتوقف على الوضع فلو توقف الوضع عليه كان دورا وربما يحكى عن البعض التخلص عن هذا بتعيين جملة من الاجزاء فقال في لفظ الصلاة إنها موضوعة بإزاء الأركان المخصوصة مع الطهارة وبمثله في غيرها وقد وقفت على مثل هذه الدعوى في كلام الفاضل المعاصر حيث ادعى أن الصلاة اسم للتكبيرة والقيام والركوع والسجود و أن البواقي شرط لمطلوبيتها وأيد ذلك بمقالة الفقهاء إن تلك الأمور إن كان بخلاف ما عداها وفساده واضح للقطع بأن مجرد الاتيان بتلك الاجزاء غير مصحح للاطلاق مع أنها لو كانت موضوعة بإزائها لزم عدم الصدق عند انتفاء بعضها كالتكبيرة والقيام ولو حصلت مع سائر الأجزاء والشرائط والتزامه على هذا المذهب تعسف واضح وليس في تسميتها أركانا ما يشعر بأنها تمام المسمى كما لا يخفى على من وقف على مصطلحهم في لفظ الركن نعم يمكن التفصي عن أصل الاشكال بالتزام كونها موضوعة للأعم من الصحيحة ومما يقاربها في الهيئة عرفا فلا يلزم الدور السادس أنها لو لم تكن موضوعة لخصوص الصحيحة لزم ارتكاب التقييد في الأوامر المتعلقة بها لظهور أنها لا تتعلق بالفاسدة والتقييد على خلاف الأصل وأما إذا كانت موضوعة للصحيحة فلا يلزم ذلك وهذا ضعيف إذ لا عبرة بهذا الأصل ونظائره في إثبات الأوضاع حجة القول بأنها موضوعة للمعنى الأعم وجوه منها التبادر وعدم صحة سلبها عن الفاسدة و الجواب المنع من ذلك كما مر لا يقال إنكاره التبادر في ذلك غير مسموع بعد شهادة العرف عليه فإن من أخبر بأن زيدا يصلي لا يفهم منه إلا أنه متشاغل بإتيان هذه الماهية من غير دلالة على كونها صحيحة أو فاسدة ولهذا لو أخبر بعد ذلك بأن صلاته تلك كانت فاسدة لم يعد مناقضا لكلامه السابق ولا منافيا لظاهره لأنا نقول بعد المساعدة على الادعاء المذكور أن القرينة الحالية في مقام الاخبار قائمة على عدم إرادة الصحيحة بخصوصها وهي بعد الاطلاع على السرائر و كثيرا ما يكون المقصود بالاخبار عنها بيان حال الفاعل لها من تلبسه بتلك الافعال وتشاغله بها من غير تعرض لبيان الصحة والفساد فيصلح أن ينهض ذلك قرينة على إرادة المعنى الأعم وظاهر أن تبادر المعنى من اللفظ عند قيام القرينة لا يوجب الوضع له ومنها أن كون هذه الألفاظ موضوعة للصحيحة على تقدير تسليمه لا يقتضي أن لا يطلق على الفاسدة حقيقة بدليل أن الاعلام موضوعة بإزاء تمام الأشخاص بشهادة قولهم دلالة زيد على يده وإصبعه دلالة تضمنية و مع ذلك يصدق عليه بالوضع السابق عند انتفاء بعض أجزائه أو زيادته عليها ويلزم من ذلك أن تكون حقيقة في الأعم وهو المطلوب و الجواب أن فرض اختصاص الوضع بالصحيحة يأبى عن صدق الاسم على الفاسد حقيقة إلا أن يدعى انقلاب الوضع حينئذ إلى الوضع للأعم وإن كان على خلاف ما قصده الواضع بمساعدة العرف نظرا إلى إلغائهم قيد الصحة وهذا على الظاهر مما لا يمكن الالتزام به وأما التمسك بالعلم فمدفوع بأنه إنما يوضع بإزاء نفس الشخص مع ما يتبعه من البدن من غير تعيين لمقدار مخصوص منه فيصدق عليه حقيقة عند نقصان جز منه وزيادته عليه وليس الوضع في جميع المركبات بهذه المثابة فلا سبيل إلى الالحاق والتعدية ومنها
(٤٧)