الأصول الأصيلة - الفيض القاساني - الصفحة ١٨٤
عليهم الا من وفقه الله في كل عصر من علماء دينه، ثم ظهر بعدهم من الصدور والامراء من سمع مقالات الناس وقواعد العقائد ومالت نفسه إلى سماع الحجج فيها، فعلمت رغبته إلى المناظرة والمجادلة في الكلام فانكب الناس على علم الكلام وأكثروا فيها التصانيف، ورتبوا فيها طرق المجادلات، واستخرجوا فنون المناقضات والمقالات، وزعموا أن غرضهم الذب عن دين الله والنضال عن السنة وقمع البدعة، ثم ظهر بعد ذلك من الصدور من لم يستصوب (1) الخوض في الكلام وفتح باب المناظرة فيه لما تولد من فتح بابه التبغضات والخصومات الناشئة من اللداد المفضية إلى تخريب البلاد ومالت نفسه إلى المناظرة في الفقه وبيان الأولى من مذهب المجتهدين، فترك الناس الكلام وفنون العلم وأقبلوا على المسائل الخلافية وزعموا أن غرضهم استنباط دقائق الشرع وتقرير علل المذاهب وتمهيد أصول - الفتاوى، وأكثروا فيها التصانيف والاستنباطات، ورتبوا فيها أنواع المجادلات، وهم مستمرون عليه إلى الان وليس ندري ما الذي قدر الله فيما بعدنا من الاعصار، فهذا هو الباعث على الاكباب على هذا العلم والمناظرة، ولو مالت نفوس أرباب الدنيا إلى علم آخر من العلوم لمالوا أيضا إليها ولم يسكتوا عن التعلل والاعتذار بان ما اشتغلوا به علم الدين، وان لا مطلب لهم سوى التقرب إلى رب العالمين.
فصل قال صاحب كتاب اخوان الصفاء وهو من حكماء الشيعة في رسالة بيان اللغات من كتابه:
اختلفت المذاهب والآراء والديانات والاعتقادات فيما بين أهل دين واحد ورسول واحد لافتراقهم في موضوعاتهم واختلاف لغاتهم وأهوية بلادهم وتباين مواليدهم وآراء (2)

1 - في شرح الكافي للملا صدرا: " لم يستغرب ".
2 - في اخوان الصفاء " وتصور ".
(١٨٤)
مفاتيح البحث: الإبداع، البدعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 ... » »»