والاحكام اضطروا إلى الاستعانة بالفقهاء والى استصحابهم في جميع أحوالهم لاستفتائهم في جميع مجاري أحكامهم، وكان العلماء قد تفرغوا لعلم الآخرة وتجردوا لها، وكانوا يتدافعون الفتاوى وما يتعلق به أحكام الخلق، فأقبلوا على الله بكنه اجتهادهم فكانوا إذا طلبوهم هربوا وأعرضوا، واضطر الخلفاء إلى الالحاح في طلبهم لتولية القضاء والحكومات، فرأى أهل تلك الاعصار عز العلماء واقبال عليهم مع إعراضهم عنهم فاشرأبوا لطلب العلم توصلا إلى نيل العز ودرك الجاه من قبل الولاة فأكبوا على علم الفتاوى فعرضوا أنفسهم على الولاة وتعرفوا إليهم وطلبوا الولايات والصلات منهم، فمنهم من حرم ومنهم من أنجح، ومن أنجح لم يخل عن ذل الطلب ومهانة الابتذال، فأصبح الفقهاء بعد أن كانوا مطلوبين طالبين، وبعد ان كانوا أعزة بالاعراض عن السلاطين أذلة بالاقبال
(١٨٣)