أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ٤٧
فما في كتبهم قوله تعالى: * (ولقد بعثنا فى كل أمة رسولا أن اعبدوا الله) *.
وقوله: * (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينآ إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا) *.
فإقامة الدين وعدم التفرقة فيه، هو عين عبادة الله مخلصين له الدين.
ومما في القرآن قوله تعالى: * (يابنى إسراءيل اذكروا نعمتي التى أنعمت عليكم وأوفوا بعهدى أوف بعهدكم وإياى فارهبون * وءامنوا بمآ أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياى فاتقون * ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم تعلمون * وأقيموا الصلواة وآتوا الزكواة واركعوا مع الراكعين) *.
فقد نص على كامل المسألة هنا، أن الكتب القيمة المنصوص عليها في الصحف المطهرة هي كتب أهل الكتاب، لقوله تعالى: * (وءامنوا بمآ أنزلت مصدقا لما معكم) *، وأنهم أمروا في هذا القرآن بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة مع التعليمات المذكورة نفسها، وإقام الصلاة لا يكون إلا عبادة الله بإخلاص.
وهذه الأوامر سواء كانت في كتبهم أو في القرآن لا تقتضي التفرق، بل تستوجب الاجتماع والوحدة. * (وذلك دين القيمة) *. القيمة: فيعلة من القوامة، وهي غاية الاستقامة.
وقد جاء بعد قوله: * (فيها كتب قيمة) *، أي مستقيمة بتعاليمها.
وقد نص تعالى على أن القرآن أقومها وأعدلها كما في قوله: * (إن هاذا القرءان يهدى للتى هى أقوم) *، وقال تعالى: * (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا قيما) *، فنفى عنه العوج، وأثبت له الاستقامة.
وهذا غاية في القوامة كما قدمنا من قبل، من أن المستقيم قد يكون فيه انحناء كالطريق المعبد المستقيم عن المرتفعات والمنخفضات، لكنه ينحرف تارة يمينا وشمالا
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»