أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ٤٥
وقيل: الكتب القيمة: هي القرآن، فجعله كتبا، لأنه يشتمل على أبواب من البيان.
وذكر الفخر الرازي: أنه يحتمل في كتب أي الآيات المكتوبة في المصحف، وهو قريب من قول الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه.
وقال الشوكاني: المراد: الآيات والأحكام المكتوبة فيها، وهذه المعاني وإن كانت صحيحة، إلا أن ظاهر اللفظ أدل على تضمن معنى كتب منه على معنى كتابة أحكام.
والذي يظهر أن مدلول كتب على ظاهرها، وهو تضمن تلك الصحف المطهرة لكتب سابقة قيمة، كما ينص عليه قوله تعالى: * (بل تؤثرون الحيواة الدنيا * والا خرة خير وأبقى) *، ثم قال: * (إن هاذا لفى الصحف الا ولى * صحف إبراهيم وموسى) *، وكقوله في عموم الكتب الأولى: * (قالوا ياقومنآ إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه) *، وقوله: * (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل) *.
ولذا قال: * (والذين ءاتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق) *، أي بما فيه من كتبهم القيمة المتقدم إنزالها، كما في قوله: * (ولقد أنزلنآ إليكم ءايات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم) *.
وقوله: * (إن هاذا القرءان يقص على بنى إسراءيل أكثر الذى هم فيه يختلفون) *.
وقال: * (وهاذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذى بين يديه) *، ونحو ذلك من الآيات، مما يدل على أن آي القرآن متضمنة كتبا قيمة مما أنزلت من قبل، وقد جاء عمليا في آية الرحمان وقوله: * (وكتبنا عليهم فيهآ) * أي في التوراة * (أن النفس بالنفس والعين بالعين) *، فهذه من الكتب القيمة التي تضمنها القرآن الكريم، كما قال: * (ولكم في القصاص حيواة) *.
ولعل هذا بين وجه المعنى فيما رواه المفسرون عن الإمام أحمد، أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبي بن كعب (أمرت أن أقرأ عليك سورة البينة، فقال: أو ذكرت، ثم).
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»