أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ٤٠
بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون * اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله والمسيح ابن مريم ومآ أمروا إلا ليعبدوا إلاها واحدا لا إلاه إلا هو سبحانه عما يشركون) *.
فجعل مقالة كل من اليهود والنصارى إشراكا.
وجاء عن عبد الله بن عمر منع نكاح الكتابية وقال: (وهل كبر إشراكا من قولها: * (اتخذ الله ولدا) *، فهو وإن كان مخالفا للجمهور في منع الزواج من الكتابيات، إلا أنه اعتبرهن مشركات.
ولهذا الخلاف والاحتمال وقع النزاع في مسمى الشرك، هل يشمل أهل الكتاب أم لا؟ مع أننا وجدنا فرقا في الشرع في معاملة أهل الكتاب ومعاملة المشركين، فأحل ذبائح أهل الكتاب ولم يحلها من المشركين، وأحل نكاح الكتابيات ولم يحله من المشركات، كما قال تعالى: * (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) *.
وقوله: * (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) *.
وقال: * (لا هن حل لهم ولا هم يحلون) *، بين ما في حق الكتابيات قال: * (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذآ ءاتيتموهن أجورهن) *، فكان بينهما مغايرة في الحكم.
وقد جمع والدنا الشيخ محمد الأمين رحمه الله تعالى علينا وعليه بين تلك النصوص في دفع إيهام الاضطراب عند قوله تعالى: * (وقالت اليهود عزير ابن الله) *، المتقدم. ذكرها جمعا مفصلا مفاده أن الشرك الأكبر المخرج من الملة أنواع، وأهل الكتاب متصفون ببعض دون بعض، إلى آخر ما أورده رحمه الله تعالى علينا وعليه.
ولعل في نفس آية * (وقالت اليهود عزير ابن الله) *، فيها إشارة إلى ما ذكره رحمة الله تعالى علينا وعليه من وجهين:
الأول: قوله تعالى: * (يضاهئون قول الذين كفروا) * أي يشابهونهم في مقالتهم، وهذا القدر اتصف به المشركون من أنواع الشرك.
الثاني: تذييل الآية بصيغة المضارع عما يشركون بين ما وصف عبدة الأوثان في سورة البينة بالاسم والمشركين.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»