قد تجد ما يمنع منها، كالقتل والزنى والخمر لتعلق حق الآخرين، وكذلك السرقة والنهب.
أما إيذاء اليتيم وضياع المسكين، فليس هناك من يدفع عنه، ولا يمنع إيذاء هؤلاء عنهما، وليس لديهما الجزاء الذي ينتظره أولئك منهم على الإحسان إليهم.
وجبلت النفوس على ألا تبدل إلا بعوض، ولا تكف إلا عن خوف، فالخوف مأمون من جانبي اليتيم والمسكين، والجزاء غير مأمول منهما، فلم يبق دافع للإحسان إليهما، ولا رادع عن الإساءة لهما إلا الإيمان بيوم الدين والجزاء، فيحاسب الإنسان على مثقال الذرة من الخير.
وقيل: إن دع اليتيم: هو طرده عن حقه، وعدم الحض على طعام المسكين: عدم إخراج الزكاة.
ولكن في الآية ما يمنع ذلك، لأن الزكاة إنما يطالب بها المؤمن والسياق فيمكن يكذب بيوم الدين فلا زكاة. * (فويل للمصلين * الذين هم عن صلاتهم ساهون) *. اختلف في المصلين الذين توجه إليهم الوعيد بالويل هنا.
والجمهور: على أنهم الذين يسهون عن آدائها، ويتساهلون في أمر المحافظة عليها.
وقيل: عن الخشوع فيها وتدبر معانيها.
ولكن الصحيح أنه الأول.
وقد جاء عن عطاء وعن ابن عباس أنهما قالا: الحمد لله الذي قال عن صلاتهم، ولم يقل في صلاتهم، كما أن السهو في الصلاة لم يسلم منه أحد، حتى أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم لما سلم من ركعتين في الظهر كما هو معلوم من حديث ذي اليدين، وقال: (إني لا أنسى، ولكني أنسى لأسن) فكيف ينسيه الله ليسن للناس أحكام السهو، ويقع الناس في السهو بدون عمد منهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه).