أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٩ - الصفحة ١١٢
والثاني: * (ياأيها الناس اعبدوا ربكم) *.
ثم بين الموجب بقوله: * (الذى خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون) *.
ثم عدد عليهم نعمه بقوله: * (الذى جعل لكم الا رض فراشا والسمآء بنآء وأنزل من السمآء مآء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم) *.
فهذه النعم تعادل الإطعام من جوع، والأمن من خوف، في حق قريش، ومن ذلك قوله تعالى: * (إنآ أعطيناك الكوثر * فصل لربك وانحر) *.
وقد بين تعالى أن الشكر يزيد النعم والكفر يذهبها، إلا ما كان استدراجا، فقال في شكر النعمة: * (لئن شكرتم لأزيدنكم) *.
وقال في الكفران وعواقبه: * (وضرب الله مثلا قرية كانت ءامنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون) *.
وبهذه المناسبة إن على كل مسلم أفرادا وجماعات، أن يقابلوا نعم الله بالشكر، وأن يشكروها بالطاعة والعبادة لله، وأن يحذروا كفران النعم.
تنبيه آخر في الجمع بين إطعامهم من جوع وآمنهم من خوف، نعمة عظمى لأن الإنسان لا ينعم ولا يسعد إلا بتحصيل النعمتين هاتين معا، إذ لا عيش مع الجوع، ولا أمن مع الخوف، وتكمل النعمة باجتماعهما.
ولذا جاء الحديث (من أصبح معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه، فقد اجتمعت عنده الدنيا بحذافيرها).
تنبيه آخر إن في هذه السورة دليلا على أن دعوة الأنبياء مستجابة، لأن الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام دعا لأهل الحرام بقوله: * (فاجعل أفئدة من الناس تهوى إليهم وارزقهم من الثمرات) *.
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»