التي مثلوا بها، بل ستكون أقل من ذلك، كما قال تعالى: * (وسيرت الجبال فكانت سرابا) *، فظهر بطلان هذا القول الذي استبعدها لعدم إدراك العقل لها.
أما من يؤول هذا المعنى إلى معنى آخر، فهو قريب من الأول من حيث المبدأ، إلا أنه أثبت الأصل وفسره بما يتناسب والعقل.
وهو محكي عن الإمام محمد عبده وتلميذه السيد رشيد رضا، إذ فسر الحجارة من سجيل، بأنه وباء الجدري.
وبالتالي: فالطير الأبابيل: هي البعوض وما أشبهه.
وقد اعتذر له السيد قطب: بأن الدافع لذلك هو ما كان شائعا في عصره من موجات متضاربة، موجة انحراف في التفكير نحو الإسلام واستغلال الإسرائيليات، كمثال على ما يشبه الأباطيل في تشويه حقائق الإسلام عند غير المسلمين.
ومن ناحية أخرى طوفان علمي حديث، من إنتاج العقل البشري فبدلا من أن تثبت حادثة كهذه صرفت إلى ما يألفه العقل من إيقاع ميكروب الجدري بجيش أبرهة حتى أهلكه، لكي لا يتصادم في إثبات الحادثة على ما نص عليه القرآن بواقع العقلية العلمانية الحديثة.
هذا ملخص ما اعتذر به السيد قطب عن هذا القول.
ولكن من الناحية العلمية والنصوص القرآنية، فقد تقدم: أن الحجارة التي من سجيل، جاء النص على أنها ليست خاصة بهؤلاء القوم، بل ألقيت على قوم لوط، بعد أن جعل عاليها سافلها، فما موقع الجدري منهم بعد إهلاكهم بإفكها المذكورة؟
ثم جاء أيضا: أنها من طين، فأين الطين من الجراثيم الجدرية؟
ومن الناحية العلمية: من أين جيء بمكروب الجدري؟ وأين كان قبل أن تأتي به الطير الأبابيل؟
ومتى كان ميكروب الجدري أو غيره يميز بين قرشي وحبشي؟
ومتى كان أي ميكروب يفتك بقوم وبسرعة، يجعلهم كعصف مأكول، مع أن: فجعلهم، تشعر بالسرعة في إهلاكهم، والعصف اليابس الذي تعصف به الريح لخفته.