الاستثناء وهل هو خاص بإبراهيم لأبيه أم لماذا؟
وقد بينه تعالى في موضع آخر في قوله تعالى: * (وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعدة وعدهآ إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم) * تلك الموعدة التي كانت له عليه في بادىء دعوته حينما قال له أبوه * (أراغب أنت عن آلهتى ياإبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرنى مليا قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بى حفيا) * فكان قد وعده ووفى بعهده، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، فكان محل التأسي في إبراهيم في هذا التبرؤ من أبيه، لما تبين له أنه عدو لله.
وقد جاء ما يدل على أنها قضية عامة وليست خاصة في إبراهيم عليه السلام كما في قوله تعالى: * (ما كان للنبى والذين ءامنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) * وفي هذه الآية وما قبلها أقوى دليل على أن دين الإسلام ليست فيه تبعية أحد لأحد، بل كل نفس بما كسبت رهينة، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.
ومن عجب أن يأتي نظير موقف إبراهيم من أبيه مواقف مماثلة في أمم متعددة، منها موقف نوح عليه السلام من ابنه لما قال * (رب إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين) * فلما تبين له أمره أيضا من قوله تعالى: * (يانوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) * * (قال رب إنى أعوذ بك أن أسألك ما ليس لى به علم) *. فكان موقف نوح من ولده كموقف إبراهيم من أبيه.
ومنها موقف نوح ولوط من أزواجهما في قوله تعالى: * (ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأت نوح وامرأت لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنينا عنهما من الله شيئا) *.
ومنها موقف زوجة فرعون من فرعون في قوله تعالى: * (وضرب الله مثلا للذين ءامنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين) * فتبرأت الزوجة من زوجها، وهذا التأسي قد بين تمام البيان معنى قوله تعالى: * (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم) * أي ولا آباؤكم ولا أحد من أقربائكم، يوم القيامة يفصل بينكم، وقول إبراهيم لأبيه * (ومآ أملك لك من الله