ارزقني: يا هادي اهدني، يا تواب تب علي، وهكذا رتب دعاءك تكن من المخلصين ا ه.
مسألة يؤخذ من كلام ابن العربي هذا ما يقوله الفقهاء في ذكر اسم الله عند الذبح أن يقتصر على قوله: بسم الله، ولا يقول الرحمان الرحيم، لأن اسم الرحمان الرحيم يقتضي الرحمة، وهي لا يتناسب معها الذبح ورسول الروح.
ويؤيد هذا ما ذكره ابن قدامة أنه ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا ذبح قال: (بسم الله والله أكبر) أي أكبر وأقدرك عليها، وهو أكبر منك عليك منها.
فإذا فقه الإنسان أسماء الله الحسنى على هذا النحو، كان حقا قد أحصاها وحفظها في استعمالها في معانيها، فكان حقا من أهل الجنة، والعلم عند الله تعالى.
ولقد استوقفني طويلا مجيء هذه الآيات في نهاية هذه السورة تذييلا لها وختاما وبأسلوب الإجمال والتفصيل لقضايا التوحيد، وإقامة الدليل، وإلزام أهل الإلحاد والتعطيل، فمكثت طويلا أتطلب ربطها بما قبلها، فلم أجد في كل ما عثرت عليه من التفسير أكثر من شرح المفردات، وإيراد بعض التنبيهات مما لا ينفذ إلى أعماق الموضوع، ولا يشفي عليلا في مجتمعاتنا الحديثة، أو يذهب شبه المدنية المادية، فرجعت إلى السورة بكاملها أتأمل موضوعها فإذا بها تبدأ أولا بتسبيح العوالم كلها لله العزيز الحكيم، وهذا أمر فوق مستوى الإدراك الإنساني، ثم تسوق أعظم حدث تشهده المدينة بعد الهجرة من إخراج اليهود، ولم يكن مظنونا إخراجهم، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا فكانوا موضع العبرة والموعظة.
ثم تأتي لموقف فريقين متقابلين، فريق المؤمنين والكافرين.
يتمثل الفريق الأول في المهاجرين والأنصار وما كانوا عليه من أخوة ومودة ورحمة وعطاء وإيثار على النفس.
ويتمثل الفريق الآخر في المنافقين واليهود، وما كان بينهم من مواعدة وإغراء وتحريض، ثم تخل عنهم وخذلان لهم.