أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٧٩
((سورة الممتحنة)) * (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أوليآء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جآءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغآء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بمآ أخفيتم ومآ أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سوآء السبيل * إن يثقفوكم يكونوا لكم أعدآء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون * لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير * قد كانت لكم أسوة حسنة فى إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضآء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك ومآ أملك لك من الله من شىء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنآ إنك أنت العزيز الحكيم * لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الا خر ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد * عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم) * قوله تعالى: * (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أوليآء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جآءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم) *. نهى تعالى المؤمنين عن اتخاذ العدو المشترك أولياء، ولفظ العدو مفرد، ويطلق على الفرد والجماعة.
ومن إطلاقه على الفرد قوله تعالى: * (فقلنا ياأادم إن هاذا عدو لك ولزوجك) * يعني بالعدو إبليس.
ومن إطلاقه على الجمع قوله تعالى: * (أفتتخذونه وذريته أوليآء من دونى وهم لكم عدو) *، والمراد هنا الجمع لما في السياق من القرائن منها قوله (أولياء) بالجمع، ومنها * (تلقون إليهم بالمودة) * وهو ضمير جمع، ومنها * (وقد كفروا) * بواو الجمع، ومنها يخرجون أيضا بالجمع، وقوله بعدها * (إن يثقفوكم يكونوا لكم أعدآء ويبسطوا) * وكلها بضمائر الجمع.
أما العدو المراد هنا فقد عم وخص في وصفه فوصفه أولا بقوله * (وقد كفروا بما جآءكم من الحق) * وخص بوصفه يخرجون الرسول، والوصف بالكفر يشمل الجميع، فيكون ذكرهما معا للتأكيد والاهتمام بالخاص، كقوله تعالى: * (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل) * نفى ذكر الخاص هنا وهو وصف العدو بإخراج الرسول والمؤمنين للتهييج على من أخرجوهم من ديارهم كقوله * (وأخرجوهم من حيث أخرجوكم) *.
وقد بين تعالى المراد بالذين أخرجوا الرسول والمؤمنين في عدة مواضع، منها قوله تعالى: * (وكأين من قرية هى أشد قوة من قريتك التى أخرجتك) * أي مكة، ومنها قوله: * (إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما فى الغار) *.
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»