أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٦١
ورأفته وجهاده وعبادته، وكل ذلك مما جعلني أقف حائرا وأمكث عن الكتابة عدة أيام، فرأيت الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في النوم، كأننا في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكأنه ليس في نشاطه العادي، فسألته ماذا عندك اليوم؟
فقال: عندي تفسير.
فقلت: أتدرس اليوم؟ قال: لا، فقلت: وما هذا الذي بيدك؟ لدفتر في يده، فقال: مذكرة تفسير، أي التي كان سيفسرها وهي مخطوطة، فقلت له: من أين في القرآن؟ فقال: من أول ن إلى آخر القرآن، فحرصت على أخذها لأكتب منها، ولم أتجرأ على طلبها صراحة، ولكن قلت له: إذا كنت لم تدرس اليوم فأعطنيها أبيضها وأجلدها لك، وآتيك بها غدا، فأعطانيها فانتبهت فرحا بذلك وبدأت في الكتابة.
والمرة الثانية في سورة المطففين، لما كتبت على معنى التطفيف، ثم فكرت في التوعد الشديد عليه مع ما يتأتى فيه من شيء طفيف، حتى فكرت في أن له صلة بالربا، إذا ما بيع جنس بجنسه، فحصلت مغايرة في الكيل ووقع تفاضل، ولكني لم أجد من قال به، فرأيت فيما يرى النائم، أني مع الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، ولكن لم يتحدث معي في شيء من التفسير.
وبعد أن راح عني، فإذا بشخص لا أعرفه يقول: وأنا أسمع دون أن يوجه الحديث إلي إن في التطفيف ربا، إذا بيع الحديد بحديد، وكلمة أخرى في معناها نسيتها بعد أن انتبهت.
وقد ذكرت ذلك تأسيا بأبي حيان، لما أجد فيه من إيناس، والله أسأل أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يهدينا سواء السبيل، وعلى ما جاء في الرؤيا من مبشرات. وبالله تعالى التوفيق. * (ووجدك عآئلا فأغنى) *. العائل: صاحب العيال، وقيل: العائل الفقير، على أنه من لازم العيال الحاجة، ولكن ليس بلازم، ومقابلة عائلا بأغنى، تدل على أن معنى عائلا أي فقيرا، ولذا قال الشاعر: ووجدك عآئلا فأغنى) *. العائل: صاحب العيال، وقيل: العائل الفقير، على أنه من لازم العيال الحاجة، ولكن ليس بلازم، ومقابلة عائلا بأغنى، تدل على أن معنى عائلا أي فقيرا، ولذا قال الشاعر:
* فما يدري الفقير متى غناه * وما يدري الغنى متى يعيل * * وما تدري وإن ذمرت سقبا * لغيرك أم يكون لك الفصيل *
(٥٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 556 557 558 559 560 561 562 563 564 565 566 ... » »»