أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٥٢٩
((سورة البلد)) * (لا أقسم بهاذا البلد * وأنت حل بهاذا البلد * ووالد وما ولد * لقد خلقنا الإنسان فى كبد * أيحسب أن لن يقدر عليه أحد * يقول أهلكت مالا لبدا * أيحسب أن لم يره أحد * ألم نجعل له عينين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين * فلا اقتحم العقبة * ومآ أدراك ما العقبة * فك رقبة * أو إطعام فى يوم ذى مسغبة * يتيما ذا مقربة * أو مسكينا ذا متربة * ثم كان من الذين ءامنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة * أولائك أصحاب الميمنة * والذين كفروا بأاياتنا هم أصحاب المشأمة * عليهم نار مؤصدة) * * (لا أقسم بهاذا البلد) *. تقدم الكلام على هذه اللام، وهل هي لنفي القسم أو لتأكيده، وذلك عند قوله تعالى: * (لا أقسم بيوم القيامة) *، إلا أنها هنا ليست للنفي، لأن الله تعالى قد أقسم بهذا البلد في موضع آخر، وهو في قوله تعالى: * (والتين والزيتون * وطور سينين * وهاذا البلد الا مين) *، لأن هذا البلد مراد به مكة إجماعا لقوله تعالى بعده: * (وأنت) * أي الرسول صلى الله عليه وسلم * (حل) *، أي حال أو حلال * (بهاذا البلد) *، أي مكة، على ما سيأتي إن شاء الله.
وقد ذكر القرطبي وغيره نظائرها من القرآن، والشعر العربي مما لا يدل على نفي، كقوله تعالى: * (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) *، مع أن المراد ما منعك من السجود، وكقول الشاعر: ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) *، مع أن المراد ما منعك من السجود، وكقول الشاعر:
* تذكرت ليلى فاعترتني صبابة * وكاد صميم القلب لا يتقطع * أي وكاد صميم القلب بتقطع.
وقد بحثها الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بحثا مطولا في دفع إيهام الاضطراب.
وقوله تعالى: * (وأنت حل بهاذا البلد) *، حل: بمعنى حال، والفعل المضعف يأتي مضارعه من باب، نصر، وضرب، فإن كان متعديا كان من باب نصر.
تقول: حل العقدة يحلها بالضم، وتقول: حل بالمكان يحل بالكسر إذا أقام فيه، والإحلال دون الإحرام.
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»