أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٦٧
الجبال فقل ينسفها ربى نسفا * فيذرها قاعا صفصفا * لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) *.
ومن هذا الحديث عن ابن عباس وعن علي. وساق هذا الثاني ابن كثير عن ابن جرير بسنده إلى علي بن الحسين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان يوم القيامة مد الله الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه، فأكون أول من يدعى) الحديث.
وعن ابن عباس (تمد كما يمد الأديم العكاظي).
وعند القرطبي عن ابن عباس (يزاد فيها كذا وكذا).
وقال الرازي: هو بمعنى تبدل الأرض غير الأرض، والواقع أن استبدال الأرض غير الأرض ليس على معنى الذهاب بهذه الموجودة والإتيان بأرض جديدة، لما جاء في حديث الأذان: (ما من حجر ولا مدر ولا شجر، يسمع صوت المؤذن إلا سيشهد له يوم القيامة) والذي يؤتى له من جديد، لا يتأتى له أن يشهد على شيء لم يشهده، وعلى كل فإن تسيير الجبال وتسوية الأرض لا شك أنه يوجد زيادة في وجه الأرض ومساحتها، فسواء مدت بكذا وكذا. كما قال ابن عباس، أو مدت بتوسعة أديمها وزيد في بسطها، بعد أن تلقى ما في جوفها كالشئ السميك إذا ما ضغط، فخفت سماكته وزادت مساحته، كما يشير إليه قوله تعالى: * (كلا إذا دكت الا رض دكا دكا) *.
وقوله: * (فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة * وحملت الا رض والجبال فدكتا دكة واحدة * فيومئذ وقعت الواقعة * وانشقت السمآء فهى يومئذ واهية) *.
فيكون مد الأرض بسبب دكها، فيزاد في بسطها، ولعل هذا الوجه هو ما يشهد له القرآن لجمع الأمرين هنا، وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة وانشقت السماء، فهو وفق ما في هذه السورة * (إذا السمآء انشقت) *، وبعدها * (وإذا الا رض مدت) * والله أعلم. * (وألقت ما فيها وتخلت) *.
(٤٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»