أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٤٤٧
عليه فيغيره، ومن أن يغيره الذي جاء به، وهذا كله بمثابة الترجمة لسند تلقي القرآن الكريم.
وقوله: * (وما صاحبكم بمجنون) * بيان لتتمة السند، حيث قال: * (ولقد رءاه بالا فق المبين * وما هو على الغيب بضنين) *، فنفى عنه صلى الله عليه وسلم نقص التلقي بنفي آفة الجنون، فهو في كمال العقل وقوة الإدراك، ومن قبل أثبت له كمال الخلق * (وإنك لعلى خلق عظيم) *.
وأثبت له اللقيا، فلم يلتبس عليه جبريل بغيره، وهي أعلى درجات السند، فاجتمع له صلى الله عليه وسلم الكمال الخلقي.
والكمال الخلقي بضم الخاء وكسرها أي الكمال حسا ومعنى، ثم نفى عنه التهمة بأن يضمن بشيء مما أرسل به مع نفاسته وعلو منزلته وجليل علومه، وأنه كلام رب العالمين.
وفي الختام إفهامهم: بأنه ليس بقول شيطان رجيم، حيث تقدم * (إنهم عن السمع لمعزولون) *.
وأن من يستمع الآن يجد له شهابا رصدا، فلم يبق لهم موجب للانصراف عنه، وألزموا بالأخذ به حيث أصبح من الثابت أنه كلام الله، جاء به رسول كريم، وبلغه لصاحبكم صاحب الخلق العظيم، وليس بقول شيطان رجيم.
فلزمهم الأخذ به، وإلا فأين تذهبون. أين تسيرون عنه، بعد أن ثبت لكم سنده ومصدره؟
ونظير هذا السند في تمجيد القرآن وإثبات إتيانه من الله، قوله تعالى في أول سورة النجم: * (ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى * علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالا فق الا على) *.
وقوله تعالى: * (فأين تذهبون) *، بمثابة من يسد عليهم الطريق إلا له لأنه أي القرآن ليس في نزوله من الله
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»