أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٨٤
عليه صلى الله عليه وسلم في يوم الاثنين.
الحفاوة بهذا اليوم لا شك أن العالم لم يشهد حدثين أعظم من هذين الحدثين. مولد سيد الخلق وبدء إنزال أفضل الكتب، فكان صلى الله عليه وسلم يحتفى به وذلك بصيامه، وهو العمل المشروع الذي يعبر به المسلم عن شعوره فيه، والعبادة الخالصة التي يشكر الله تعالى بها على هاتين النعمتين العظيمتين.
أما ما يفعله بعض الناس من احتفالات ومظاهر، فقد حدث ذلك بعد أن لم يكن لا في القرن الأول ولا الثاني، ولا الثالث، وهي القرون المشهود لها بالخير، وأول إحداثه في القرن الرابع.
وقد افترق الناس فيه إلى فريقين، فريق ينكره، وينكر على من يفعله لعدم فعل السلف إياه، ولا مجيء أثر في ذلك، وفريق يراه جائزا لعدم النهي عنه، وقد يشدد كل فريق على الآخر في هذه المسألة.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم كلام وسط في غاية الإنصاف، نورد موجزه لجزالته، والله الهادي إلى سواء السبيل.
قال رحمه الله في فصل قد عقده للأعياد المحدثة: فذكر أول جمعة من رجب وعيد خم في الثامن عشر من ذي الحجة، حيث خطب صلى الله عليه وسلم، وحث على اتباع السنة وبأهل بيته، ثم أتى إلى عمل المولد فقال:
وكذلك ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصارى في ميلاد عيسى عليه السلام، وإما محبة للنبي صلى الله عليه وسلم وتعظيما له والله قد يثيبهم على هذه المحبة والاجتهاد لا على البدع من اتخاذ مولد النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، مع اختلاف الناس في مولده، أي في ربيع أو في رمضان، فإن هذا لم يفعله السلف رضي الله عنهم مع قيام المقتضى له وعدم المانع منه.
ولو كان هذا خيرا محضا أو راجحا لكان السلف رضي الله عنهم أحق به منا، فإنهم كانوا أشد محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيما له منا، وهم على الخير أحرص.
وإنما كمال محبته وتعظيمه. في متابعته وطاعته واتباع أمره، وإحياء سنته باطنا
(٣٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 379 380 381 382 383 384 385 386 387 388 389 ... » »»