أضواء البيان - الشنقيطي - ج ٨ - الصفحة ٣٤١
وبتأمل كلام ابن حجر، نجده يتضمن إجراء معادلة على نص الحديث بأن له حالتين فقط.
الأولى: أن يقال لا تشد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة لخصوص الصلاة ولا تشد لغيرها من الأماكن لأجل الصلاة، فيكون النهي منصبا على شد الرحال لأي مكان سوى المساجد الثلاثة من أجل أن يصلي فيما عداها. فيبقى غير الصلاة خارجا عن النهي فتشد له الرحال لأي مكان كان.
وغير الصلاة يشمل طلب العلم والتجارة والنزهة والاعتبار والجهاد ونحو ذلك، والنصوص في ذلك كله متضافرة.
ففي طلب العلم ما قدمنا من نصوص، وقد رحل نبي الله موسى إلى الخضر، كما قال تعالى: * (وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضى حقبا) * إلى قوله: * (لقد لقينا من سفرنا هاذا نصبا) * إلى قوله: * (قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا) *.
وفي السفر للتجارة قوله تعالى: * (وءاخرون يضربون فى الا رض يبتغون من فضل الله) *. وقوله: * (هو الذى جعل لكم الا رض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه) * وغيرها كثيرة.
والسفر للعبرة قوله تعالى: * (قل سيروا فى الا رض فانظروا) *.
وقوله * (ثم دمرنا الا خرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وباليل أفلا تعقلون) *.
وقوله: * (فكأين من قرية أهلكناها وهى ظالمة فهى خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد أفلم يسيروا فى الا رض فتكون لهم قلوب يعقلون بهآ أو ءاذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الا بصار ولاكن تعمى القلوب التى فى الصدور) *.
فقد أمر الله العباد بالسير ليعقلوا بقلوبهم حالة تلك القرى الخاوية ليتعظوا بأحوال أهلها.
(٣٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 336 337 338 339 340 341 342 343 344 345 346 ... » »»