المسلمين إن هذا السفر لا تقصر فيه الصلاة ولا نهى أحد عن السفر إلى مسجده، وإن كان المسافر إلى مسجده يزور قبره صلى الله عليه وسلم، بل هذا من أفضل الأعمال الصالحة ولا في شيء من كلامي وكلام غيري نهى عن ذلك ولا نهي عن المشروع في زيارة قبور الأنبياء والصالحين، ولا عن المشروع في زيارة سائر القبور.
إلى أن قال:
وإذا كانت زيارة قبور عموم المؤمنين مشروعة فزيارة قبور الأنبياء والصالحين أولى.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم له خاصية ليست لغيره من الأنبياء والصالحين، وهو أن أمرنا أن نصلي عليه ونسلم عليه في كل صلاة، ويتأكد ذلك في الصلاة وعند الأذان وسائر الأدعية، وأن نصلي ونسلم عليه عند دخول المسجد، مسجده وغير مسجده، وعند الخروج منه. فكل من دخل مسجده فلا بد أن يصلي فيه ويسلم عليه في الصلاة.
والسفر إلى مسجده مشروع، لكن العلماء فرقوا بينه وبين غيره، حين كره مالك رحمه الله أن يقال: زرت قبر النبي صلى الله عليه وسلم. لأن المقصود الشرعي بزيارة القبور السلام عليها والدعاء لهم، وذلك السلام والدعاء قد حصل على أكمل الوجوه في الصلاة في مسجده وغير مسجده، وعند سماع الأذان وعند كل دعاء. فتشرع الصلاة عليه عند كل دعاء، فإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم ا ه.
وإذا كان هذا كلامه رحمه الله، فإن المسألة شكلية وليست حقيقية. إذ أنه يقرر بأن السفر إلى مسجده صلى الله عليه وسلم مشروع وإن كان يزور قبره صلى الله عليه وسلم ويسلم عليه، وأن ذلك من أفضل القربات ومن صالح الأعمال.
أي وإن كانت الزيارة مقصودة عند السفر.
وإذا كان السفر إلى المسجد لا ينفك عن السلام عليه صلى الله عليه وسلم، والسلام عليه لا ينفك عن الصلاة في المسجد. فلا موجب لهذا النقاش، وجعل هذه المسألة مثار نزاع أو جدال.
وقد صرح رحمه الله بما يقرب من هذا المعنى في موضع آخر من كلامه، إذ يقول في ج 72 ص 243 من المجموع ما نصه: