وجوب الزكاة فيها والرد على أدلة أبي حنيفة رحمه الله:
واستدل الجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة).
والفرس اسم جنس يعم ويعدم ذكرها مع بقية الأجناس الأخرى حتى سئل عنها صلى الله عليه وسلم، فلو كانت مثلها في الحكم لما تركها في الذكر.
وحديث: (قد عفوت عن الخيل فهاتوا زكاة الرقة). رواه أبو داود.
وأجابوا على استدلال أبي حنيفة، بأن حق الله في رقابها، وظهورها إعارتها وطرقها إذا طلب ذلك منه.
كما أجابوا على حديث جابر بما نقله الشوكاني والدارقطني من أنه لا تقوم به حجة.
ورد أبو حنيفة على دليل الجمهور بأن فرسه مجمل وهو يقول بالحديث إذا كان الفرس للخدمة.
أما إذا كانت الخيل للتناسل، فقد خصها القياس، وعلى حديث عفوت من الخيل بأنه لم يثبت، وهذه دعوى تحتاج إلى إثبات، فقد ذكر الشوكاني أنه حسن.
ولعل مما يرد استدلال أبي حنيفة نفس الحديث الذي استدل به من قرينة التقسيم، إذا أناط الأجر فيها بالجهاد عليها، ولم يذكر الزكاة مع أن الزكاة قد تكون ألزم من الأجر أو أعم من الجهاد لأنها تكون لمن لا يستطيع الجهاد كالمرأة مثلا فتزكي فلو كانت فيها الزكاة لما خرجت عن قسم الأجر.
ثانيا: لو كان حق الله في المذكور هو الزكاة لما ترك لمجرد تذكرها وخيف تعرض للنسيان، لأن زكاة الأصناف الثلاثة الأخرى لم تترك لذلك بل يطالب بها صاحبها، ويأتي العامل فيأخذها، وإن امتنع صاحبها أخذت جبرا عليه، وبهذا يظهر رجحان مذهب الجمهور في عدم الوجوب.
ومن ناحية أخرى، فقد اختلف القول عن أبي حنيفة رحمه الله فيما تعامل به، وفيما يخرج في زكاتها، فقيل: إنه مخير بين أن يخرج عن كل فرس دينارا أو عشرة دراهم، وبين أن يقومها ويدفع عن كل مائتي درهم خمسة دراهم.
وقد جعل الأحناف زكاتها لصاحبها ولا دخل للعامل فيها ولا يجبر الإمام عليها،